يقول الله تعالى \"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم\"(الحجرات:13).
أيها المتحدون في اصل بشرى واحد ..المختلفون أجناسا وألوانا ولغاتا، المتفرقون شعوبا وقبائل.. لا تتفرقوا ولا تتخاصموا ولا تذهبوا بددا، إن الغاية من جعلكم هكذا ليست التنازع والتناحر، بل التعارف والتآلف، فالتنوع يدعو إلى التعاون والتكامل وفق معيار أساس: التقوى والعمل الصالح، وهما أعمال كسبية (وليست وراثية / عنصرية) يتسابق فيهما الناس جميعا .. مرضاة لربهم، والتصالح على العرف الحسن والمعرفة الرشيدة .. خدمة لمجتمعاتهم وإنسانيتهم
لم أجد ولن تجد مثلاً أعلى يُحتذي ـ في هذا الشأن وغيره ـ كمثل رسولنا المصطفى صلي الله عليه وسلم، قال الحسين: سالت أبى عن سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم، في جلسائه فقال:\"كان دائم البشر، سهل الخلق، لين الجانب، ليس بفظٍ ولا غليظٍ ولا صخابٍ ولا فحاشٍ ولا عيابٍ ولا مشاحنٍ، يتغافل عما لا يشتهى، ولا يؤيس منه راجيه، ولا يخيب رجاءه فيه، وقد ترك نفسه من ثلاثة: المراء، والإكثار، وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث: كان لا يذم أحدا ولا يعيبه، ولا يطلب عورته، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه، وإذا تكلم اطرق جلساؤه، كأن على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلموا، لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلم عنده أنصتوا له حتى يفرغ، حديثهم عنده حديث أولهم، ويضحك مما يضحكون منه، ويتعجب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته، حتى إن أصحابه كانوا ليستجلبونه، ويقول: إذا رأيتم طالب حاجة فارفدوه، ولا يطلب الثناء إلا من مكافئ، ولا يقطع على أحد حديثه حتى يجوز فيقطعه بنهى أو قيام\"(4)، ولقد كان يتعرف إلى مدعويه قبل دعوتهم، وهديه مشهور مع الفتى \"عداس\" في رحلته إلى الطائف،
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا ويشير إلى صدره ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه)
رواه مسلم
صفوة القول: لقد آن الأوان أن يتبين (الآخر) الذي لا يرى إلا سيادة/ غلبة/ في الحياة، بأن هناك نهجاً آخر صائب لتنظيم شئون الحياة والتعارف الإنساني، نهج يسعى للتحكم بالنفس وتهذيبها، والمعرفة بخصائص وطبائع (الآخر)، والحفاظ على القواسم المشتركة معه، وتقليل التشاحن والاحتكاك غير الصحي به، وإشباع المتطلبات الإنسانية المشتركة بتناغم، فاعلية جمعية لا فردية. يقول تعالى جل شأنه:\"ومن آياته خلق السماوات والأرض، واختلاف ألسنتكم وألوانكم، إن في ذلك لآيات للعالِمين\"( الروم:22).
والصلاة والسلام على نبنا محمد صلى الله عليه وسلم