على متن حافلة متحركة تتسع لـ 11 شخصاً، وفي شارع “حدة” أرقى شوارع العاصمة اليمنية صنعاء، افتتح شاب يمني مدرسة متحركة لأطفال الشوارع، الذين لا يمكنهم الذهاب إلى المدارس لقلة ذات اليد، ودفعتهم ظروفهم الحياتية للعمل.
نزار السقاف، شاب يعمل في مجال التسويق بإحدى الشركات الخاصة، قال للأناضول: “الفكرة راودتني عند مروري بالتقاطعات الرئيسية، في شوارع العاصمة، ورأيت عددا كبيرا من الأطفال، يمتهنون بيع الأشياء الخفيفة، كالمياه المعدنية وأكياس المناديل، أو يتسولون من المارة، فأردت أن أمنحهم فرصة التعليم، التي حرموا منها، ربما لأسباب اقتصادية”.
دراسات حديثة تكشف أن اليمن يضم أكثر من 1.3 مليون طفل عامل، أي حوالي 17 بالمئة من مجموع الأطفال في اليمن.
وأضاف السقاف: “كنت أطمح من خلال هذه الفكرة، إلى تأهيل الأطفال لدخول المدارس، ولدي طموح أكبر لافتتاح مدرسة خاصة، لهؤلاء الأطفال، وتلقيت بالفعل عروضاً، من جهات داعمة بـ 5 منح، لتوفير فرصة لهم للتعليم الجيد في الداخل أو الخارج”. وعن مدرسته المتنقلة قال السقاف: “المدرسة تفتح أبوابها أمام الطلاب لمدة ساعتين، يومي الاثنين والخميس. واجهت صعوبات في البداية، حيث رفض التلاميذ مبدئياً فكرة المدرسة، بحجة أنها تشغلهم عن العمل. بدأت المشروع بـ 3 تلاميذ، لكن مع الوقت، تزايدت أعدادهم إلى أن وصل العدد إلى 15 تلميذا”.
وقال الشاب اليمني: “إلى جانب التعليم، هناك بعض الأنشطة التحفيزية للتلاميذ، مثل توزيع جوائز، على الأسرع تعلماً، والأجمل خطاً. وبالإضافة إلى تعليم الأطفال مبادئ القراءة والكتابة، نعطيهم دروسا بسيطة، في الأخلاق الحسنة والألفاظ الجميلة، لحمايتهم من خطر الشارع، وقاموس الكلمات القبيحة المنتشرة فيه”. السقاف يطمح في الفترة المقبلة إلى الحصول على حافلة أكبر، تكون مجهزة بمقاعد دراسية، لافتا إلى “أنه سيحاول تغطية أماكن أخرى، تتواجد فيها أعداد كبيرة من الأطفال، محاولاً منحهم فرصة جديدة للتعليم، وللحياة أيضاً”.
ويدفع نزار أجرة الحافلة، التي يستخدمها كمدرسة، بينما يتبرع كثير من المعجبين بالفكرة، ببعض الأدوات الدراسية، كالدفاتر والأقلام، ويشارك 5 من أصدقاء “نزار”، في عملية التدريس للأطفال، الذين يتم تقسيمهم، إلى مجموعات بحسب أعمارهم، ودرجة تعلمهم. وتصف «نورية المنصوب”، إحدى المدرسات المتطوعات، التجربة بأنها “فريدة ورائعة، داعية الشباب للمشاركة في مثل هذه المبادرات، التي من شأنها المساهمة في تعليم الأطفال، الذين لم يحظوا بفرصة لدخول المدارس}.
وأظهرت دراسات أن اليمن يضم أكثر من 1.3 مليون طفل عامل، أي حوالي 17 بالمئة من مجموع الأطفال في اليمن يعملون، منهم 469 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و11 عاماً، وهو ما يحول بينهم وبين الانتظام في المدارس.