الاعتراف بالخطأ ، طريق النجاح !!
سبحان من وهب الانسان القدرة على التعلم من خلال الخطأ والصواب ، فترى الخبرات تتراكم لتخدم الطفل في الحذر مما وقع فيه من اخطاء سابقة ، وبالتالي يبحث عن الصواب ويتحرى مواقعه ..
**** ولكن متى يعرف الطفل ان هذا التصرف صحيح او خاطئ ؟
هذا سؤال مهم ، فلا نستطيع ان نكلف احدا بالحذر من شيء يجهله او لا يعرف وصفه ، خصوصا اذا كانت المعايير عند الابوين متناقضة ، فيتغاضيان احيانا عما يريانه من اخطاء عجزا او تهاونا اوتأجيلا للتوجيه الى حين اخر ، وربما كان الانشغال بحجة العمل او تواجد الضيوف اوالغياب مع الخادمة ، فيبقى ما لايعرفه الطفل اكثر مما يعرفه ...
**** ثم يأتي بعد ذلك تعليم الطفل وتعويده على الاعتراف بالاخطاء التي ارتكبها دون مواربة او خداع ، بل اعتراف صريح ، يتلوه اعتذار واضح ، ويلحق به تعهد بعدم تكرار ماحدث ، ومتى اكتملت هذه المعادلة ، وتعود عليها الطفل ، فانها معادلة لا تنتج الا النجاح في الدنيا والاخرة ...
**** ولكن لماذا يتلجلج بعض الاطفال في الاعتراف بالخطأ ، ويكاد يكون من المستحيل ان يقروا بما عملوه من اخطاء الا تحت الضغط ، والاجابة عن هذا ليست بالصعبة ، فالطفل يعندما يعرف انه ارتكب خطأ ، فانه يشعر بمشاعر سلبية مختلطة من الخوف من العقاب والخوف من كراهية الناس له ، وخشية ازعاج من يحبهم ، وحرصه على المحافظة على مكانته في قلوب ابويه ، اضافة الى ان بعض الاطفال يفرق بين وقوع الخطأ المقصود وبين الخطأ العفوي الذي لم يقصد ، فيرى ان النوع الثاني لا يسمى خطأ ، وبالتالي لن يعترف بأنه قد اقترفه ، باعتبار انه ليس عملا مقصودا ...
**** بعض الآباء مهما حاول ان يمسك جاهدا بخيوط الحكمة والتربية الهادئة الا انه سرعان مايفقد هدوءه فيستشيط غضبا وصراخا عندما يعترف له ابنه بأنه اخطأ ، فكيف يتوقع مثل هذا الاب ان يأتيه ابنه مرة اخرى ليعترف بما صنع ، بل يفترض ان يستمع الاب الى ابنه حين اعترافه ويشجعه على هذا الصنيع ويمدح شجاعته واقدامه على تحمل تبعات الاخطاء ، ويتأكد على الاب ان يتحكم بتعبيرات وجهه فلا يتجهم او يعبس حتى لايزرع الخوف او الرهبة في قلبه ، بل يستمع اليه حتى ينتهي ثم يشرح للابن ما وقع من اخطاء ومايلحقها من تبعات ،ويشرح له كيف يستطيع ان يتجنب الخطأ في المرة الاخرى ، فان كان يستحق العقاب فيجب ان يكون عقابا مناسبا وهادفا لا مهينا لنفسه او مسيئا لآدميته او قاهرا لكرامته ، كما يفعل البعض وكأنه ينتقم لنفسه ، فتتبلور شخصية الابن على الخوف والكذب وحب الخداع ...
**** وللاطفال مقدرة محدودة للتعلم والاستفادة من الاخطاء ، ويحتاجون ان يأخذوا حقهم من الوقت كما اخذنا نحن ، فلا نستعجل عليهم بل نحلم عليهم ( فالحلم –كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم- ماوجد في شيء الا زانه ولا نزع من شيء الا شانه ) ، وأؤكد كثيرا على انضباط الموازين فتكون هناك قواعد ثابتة للصواب والخطأ لدى العائلة ، قواعد لا تتحكم فيها الامزجة والاهواء او المحسوبيات او حتى الحالة النفسية او الشخصية ، حتى تنضبط نفسية الطفل فيعرف ماله وماعليه ، حينها فقط سوف تقر عينك بطفل شجاع ، مقدام في الحق ، ذو شخصية قادرة على تحمل المسؤولية ، وقادرة على تعديل الميل وتصويب الخطأ بكل ثقة وطمأنينة .. وعلى دروب الخير نلتقي ..