مشكلة الإنسان العربي الأزلية أنه لا يريد أن تُكسر له كلمة، ولا يُخالف له رأي وهذا مُحال! فالتعايش الإنساني قائم على الاختلاف، واحتواء ذلك الاختلاف، وتوجيهه نحو الأفضل يعتمد على عقلية الشخص، ومستوى تفكيره، وترفعه، ولا علاقة له بالشهادات التي يحملها ويتباهى بها! فالحكمة وبعد النظر كانا لدى القدامى الذين تعلموا من مدرسة الحياة ومواقفها. صحيح أن طبيعة النفس البشرية لا تتقبل كثيراً من لا يوافقها وهذا لا جدال فيه.
لكن الجدل كله يكمن في عدم تقبل الرأي الآخر، واعتبار ذلك الاختلاف حرباً وهجوماً على الشخص ذات
هنا يجب أن يكون لنا وقفة مع ثقافة الاختلاف التي ليست وليدة اليوم وأحداثه، بل هي سنة كونية متوارثة جيلاً بعد جيل. والرقي بها، وأخذها نحو السمو هو ما يجب أن نُدرب أنفسنا عليه وندعو له.
فعندما أختلف معك لا يعني أنني أكرهك! ولا يحق لك أن تشن حرباً وهجوماً بوابل من الكلمات علي فقط لأنني لم أوافقك! ولن تجبرني ردة فعلك أياً كانت على أن أقتنع بطرحك خوفاً، أو مجاملة، أو لأي سبب آخر! والواجب علي تجاهك فقط هو احترامك مع اختلافي معك.
الرقي في الحوار ورفع مستوى الكلمات هو من يوجه الاختلاف لبر الأمان.
والاحترام إن لم ينبع من ذات الشخص تجاه الناس وآرائهم فلن يُجدي حقيقة مادام يستظل بمصلحة أو تملق أو خوف! فسرعان ما تتلاشى كل تلك الأشياء وتتعرى حقيقة من يُحاور في أي موقف عابر أو زلة لسان.
يجب أن ندرك أن الاختلاف جميل، وينتج أفكاراً مبدعة تتكاتف نحو التميز والرقي في أي مكان وغرض تلتقي به. وترفع من شأنه، وأنه متى ما خرجنا من إطار الشخصنة في الاختلاف أصبح لدينا طاقات منتجة في الأسرة والعمل ومجالات الحياة التي لا تنتهي.
أخيراً، فلنختلف لنكمل بعضنا .. لا لنحارب بعضنا.