نجران التاريخية، ونجران المنطقة الإدارية أرض وبيئة فتية، فيها الكثير من المجالات الخصبة للتنمية وللسياحة، وفيها مجتمع فتي، حيث نسبة الشباب في المملكة عموما مرتفعة؛ وذلك ما يرفع سقف الآمال والطموحات. وقد غمرت نجران مشاعر الفرحة والسعادة والترحيب حين صدر أمر خادم الحرمين الشريفين بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، أميرا لمنطقة نجران.
فمنذ توحيد المملكة، وكل جزء من بلادنا يحظى باهتمام الدولة؛ حيث نالت نجران نصيبا من التنمية؛ وتغيرت فيها البيئة العامة ومظاهر الحياة. وفي زيارة خادم الحرمين لنجران وعد- حفظه الله- بأنها ستشهد مستقبلا زاهرا. وها هي نجران اليوم تستعد لاستقبال الأمير الشاب ليحقق رؤية الملك المفدى، ويقود نجران في هذه الحقبة الزمنية إلى مستقبل واعد إن شاء الله.
وقد جاء تعيين الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أميرا لمنطقة نجران ليؤكد أن بعد مسافة مناطق المملكة عن مركز الحكم لا يعني ابتعادها عن اهتمام صاحب القرار. وبقدر ما نرفع أسمى معاني الشكر والعرفان والولاء لخادم الحرمين الشريفين حفظه الله تعالى فإن أهالي نجران يقدمون التهاني تلو التهاني لسمو الأمير مشعل بن عبد الله، فقد توافد الكثير من أهالي نجران على قصر سمو أمير نجران في الرياض العاصمة ليقدموا أطيب التهاني على ثقة خادم الحرمين الشريفين بهذا التكريم لسموه ولمنطقة نجران. وكانت الاتصالات الهاتفية لسموه، وكذلك مطالعات الصحف، وحوارات المنتديات واللقاءات الاجتماعية تعكس شعورا نجرانيا عاما، تغمره السعادة والتفاؤل لسموه ولنجران بمرحلة إدارية متميزة.
ومن يقابل سموه ويتحدث معه يخرج من مجلس سموه وهو سعيد ومطمئن ومفتخر بشخصيته النبيلة، وما له من صفات حميدة. وليس غريبا على سمو الأمير مشعل أن يحظى بالاحترام والمحبة والثقة لكل من يتعرف عليه، ففي شخصية سموه خصائص نبيلة موروثة ومكتسبة أيضا من شموخ صفات والده العظيم، فهو ابن ملك الإنسانية الذي يضع محبة شعبه في مقام حبه لأبنائه، وهو الملك القدوة، وصاحب الرؤى الإنسانية العالمية، والزعامة الفذة، والتسامح، والمصالحة، والحلم الكبير.
وحينما تسمع حديث الأستاذ القدير موسى السليم المدير السابق لمدارس الرياض - والعضو الحالي لمجلس الشورى- حيث درس الأمير مشعل بن عبد الله فإنك تعلم كيف نشأ هذا الأمير الشاب وكيف درس، ويسرك ما يقال عنه من أخلاق رفيعة منذ صغره، ومواقف وحسن سيرة، ونضج مبكر، وتواصل جميل مع أساتذته وزملائه ومجتمعه.
وقد ساهمت شخصيته وأخلاقه المتميزة في تكوين ثقافته الوطنية، وتوسيع دائرة علاقاته الهامة، وتراكم معرفته الاجتماعية عن المملكة وبيئتها وتنوع معطياتها الاجتماعية والجغرافية، ولهذه الخلفية الرفيعة في الشأن الاجتماعي فإن مجلس سمو الأمير مشعل بن عبد الله لا يخلو من ذلك الحضور الكريم من كافة شرائح المجتمع. كما أن الحس المتوقد لسموه يجعل كل من في مجلسه سعيدا بحسن التواصل الذي يغرس ثقة متبادلة ومشاعر كريمة في حضرة سموه.
شخصية الأمير مشعل بن عبد الله بما فيها من حزم وحيوية وبعد ثقافي تجعلك تفرح لنجران وأهلها وتستقرئ مستقبلا سعيدا بإذن الله. فنجران واحدة من أكبر المناطق الإدارية في المملكة وفيها تنوع رائع في جغرافيتها وبيئتها ومناخها، ولا تزال منطقة نجران تعتبر مقصدا لمحبي الواحات العربية المليئة بالنخيل والزراعة والمباني الطينية القديمة؛ ذات الطراز العمراني الخاص؛ تحيط بها الجبال في سهول فسيحة ومناظر خلابة، وقرى أخرى وديعة تحتضنها الجبال، مع تميز طقس هضاب نجران صيفا، ما يجعلها مصيفا معتدل الحرارة؛ لا يبعد عن وادي نجران وقراها كثيرا. ويظل الربع الخالي بصحرائه وعروقه وخفاياه مرتعا ساحرا وجاذبا للزوار صيفا وشتاء.
وتعتبر آثار نجران - المنتشرة في عدد من أجزائه وفي مقدمتها الأخدود التاريخية - مقصدا للسياح ومحبي التاريخ والآثار من كل أنحاء العالم. وتكفي كتابة اسم نجران أو الأخدود في أحد محركات البحث في شبكة الانترنت لنطلع على الأهمية التاريخية لنجران وللأخدود التي تعتبر مسرحا مفتوحا تكتنز أرضها إرثا عظيما لتاريخ جزيرة العرب عبر العصور. وحين زيارته للأخدود نظر أحد المهتمين بالسياحة العالمية في كل الاتجاهات المحيطة بموقع الأخدود ثم نظر داخل الموقع قائلا: إن هذا الموقع مشروع عالمي ناجح كمسرح للصوت والضوء يحكي قصصا ويعرض روايات وتاريخا.
قصة الأخدود التي صورها القرآن الكريم أبلغ تصوير وتحدثت عنها السير والسجلات بشكل دقيق لا تزال معروضة في النقوش الكثيرة على الصخور في أكثر من موقع؛ ولا يزال الموقع نفسه في بدايات اكتشافاته وترميمه. وتحيط بالأخدود جبال رائعة المناظر ونخيل وبساتين وطقس جميل. إن آثار نجران في الأخدود وفي أبارحما ووسط الربع الخالي وفي مواقع أخرى متفرقة تشكل مشروعا سياحيا متكاملا سيجذب آلاف السياح من دول العالم، فقد كانت نجران وما زالت بسبب الأخدود وغيرها من الآثار مقصدا مبكرا للرحالة الغربيين الذين سجلوا تاريخ منطقة نجران وترجموا بعض نقوشها القديمة.
وفي نجران معطيات فكرية ومعنوية كثيرة أبرزها الإنسان المخلص الوفي لمليكه ولقيادته ووطنه. فالموروث الثقافي غير المادي في نجران لا يقل أهمية عن التراث النجراني المادي. ففي نجران عروض شعبية متنوعة، وفيه مجتمع متعاون ومشارك ومتفاعل. ويكفي أن يجتمع عدد قليل من الناس ليسهموا بتجميل المكان بكل أنواع الترحيب والعروض والقصيد؛ والاعتزاز بالوطن وبالنفس وغيرها لأنه مجتمع متسامح ومتعاون. وأهل نجران حاضرة وبادية يعرفون بشغفهم لاقتناء الخيول والإبل والملابس التقليدية ويبادرون بكرمهم في دعم كل مناسبة ويرون ذلك من باب الواجب للزوار وللمنطقة نفسها.
إنني على قناعة تامة أن النهوض بالتنمية الشاملة لا يتم إلا بتعاون اجتماعي شامل ينطلق من تفاعل اجتماعي، أساسه الطمأنينة والروح المعنوية العالية، وفي نجران مقومات كثيرة لتنشيط المجتمع عبر برامج اجتماعية وثقافية وفنية وعروض عامة يمكن أن تنتشر في كل جزء من مساحة نجران الجغرافية والزمنية على مدار العام، ومن يزور نجران يشاهد كيف أن الأهالي بمبادراتهم الشخصية وحرصهم على منطقتهم يضيفون الكثير لجعل نجران أكثر جمالاوأفضل ضيافة في عيون ومشاعر زوارها.
فليهنأ الأمير بنجران، وبقدر ما هو محل ثقة ولي الأمر اليوم فإنني مطمئن أن سموه سوف يكون عند حسن الظن كذلك حين تكون المائة يوم الأولى قد مكنته من تصور مستقبلي للمائة شهر القادمة، وفي انتظار سموه مجال خصب للتخطيط الاستراتيجي للبناء والتطوير والتصور العام حسبما تفرضه الأولويات؛ وما يتيسر لها من ميزانيات، وكلنا نعلم أنه حينما يتعين أمير أو وزير جديد فإنه يتلقى - بشكل مباشر وغير مباشر وعبر الصحف والمنتديات - الكثير من التقارير التي تحمل خططا وتوصيات ومبادرات نحو مستقبل أفضل حسبما يراه كل من زاويته.
ونجران واحدة من المناطق التي أشارخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في زياراته التفقدية أنها في حاجة إلى المزيد من مشاريع التنمية. ومن زاويتي التي أنظر عبرها لن أضع رؤيتي الشخصية أو أطرح ما أراه أولويات إصلاحية وتنموية اجتماعيا ومدنيا عبر هذه المقالة، وسوف أكتفي بالإشارة إلى الشأن الصحي الذي يتألم منه كل بيت في نجران، وأنا على ثقة بأنه سوف يكون في قائمة أولويات سمو الأمير مشعل بن عبد الله حين تسنمه لمنصبه الجديد أو حتى قبل ذلك.
مرة أخرى شكرا لخادم الحرمين الشريفين، ولسمو ولي العهد الأمين، ولسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز.
وختاما دعواتنا بالتوفيق والسداد لسمو الأمير مشعل بن عبد الله، وله نقول: (أرحب في نجران)
منقول
بقلم اللواء محمد بن فيصل ابو ساق
رئيس لجنة الشئون الأمنية بمجلس الشورى