مازال ضابط الصف جيفري تيلور (تم تغيير الاسم لأسباب صحفية) يتذكر اللحظة التي وقع فيها هذا الاشتباك المصيري في أفغانستان وعن ذلك يقول:"كنا 12 شخصا وكنا نسير في ثلاث سيارات جيب ثم انفجرت عبوة ناسفة فجأة، أدركنا أننا وقعنا في كمين، وتعرض بعضنا لإطلاق النار، كانوا خمسة من مقاتلي طالبان، اختبأوا في الوديان.. ثم فاجأني أحدهم من خلفي وطعنني بالسكين فأصابني في يدي".
أطلق تيلور النار على مهاجمه الأفغاني فأرداه قتيلا.
تيلور:"يلاحقني الموت منذ تلك اللحظة".
ثم مرض تيلور بشدة بعد ذلك بقوت قصير، كانت السكين مسمومة مما أصاب تيلور بتسمم في الدم.
تيلور:"خضعت للعلاج على مدى ستة أسابيع، لقد كان ذلك الجحيم بعينه، أخذ زملائي السكين مني حتى لا أنتحر".
كانت هذه هي نهاية المشاركة العسكرية لتيلور في أفغانستان بعد أن قضى تسعة أشهر متنقلا بين كابول وجلال أباد و قندهار وباجرام بدءا من يونيو .2007 أما الآن فهو في قاعدة فيسبادن اربنهايم الأمريكية بمدينة فيسبادن وسط ألمانيا.
لا تختلف مسألة الإصابات النفسية للحرب في صفوف الجنود الأمريكيين عنها في صفوف جنود الجيش الألماني.
يعاني واحد من كل خمسة من الجنود الأمريكيين العائدين من أفغانستان أو العراق من الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية التي تعقب التجارب الصعبة وذلك حسب معهد راند كورب الأمريكي الشهير للدراسات السياسية في نيويورك.
وتشير بيانات المعهد إلى أن أكثر من 300 ألف من إجمالي 1.6 مليون جندي أمريكي الذين شاركوا في الحرب في أفغانستان أو العراق مصابون بهذه الأعراض النفسية.
وتقول متحدثة باسم المعهد إن الهيئات الصحية ورجال الدين في المناطق المحيطة بمحل سكن الجنود المعنيين بالإضافة إلى موظفي الشئون الاجتماعية يساعدونهم في تجاوز هذه التبعات النفسية.
ويقول تيلور إنه لا يستطيع التخلص من "ملاحقة الحرب له" وإنه يظل متيقظا طوال الليل أو توقظه الكوابيس من نومه مضيفا:"رأيت الكثير من القتلى".
تتزايد الشكوك في قدرة الغرب على تحقيق نجاح في الحرب في أفغانستان بسبب تزايد الضحايا المدنيين.
فرغم رفع أعداد القوات الدولية إلا أن العنف تزايد في أفغانستان عام 2008 ليصل إلى أعلى مستوى له منذ الإطاحة بنظام طالبان نهاية عام .2001
كما ارتفع عدد القتلى بين جنود القوات الأجنبية هناك حيث تشير إحصائيات مستقلة إلى أن عدد هؤلاء الضحايا وصل منذ عام 2001 وحتى فبراير 2009 1080 جندي منهم 650 أمريكيا.
كان تيلور على علاقة ببعض هؤلاء القتلى الأمريكيين. يحمل تيلور أسورة فضية في معصمه الأيسر منقوش عليها أسماء بعض رفاقه الذين سقطوا صرعى في الحرب. وقتل أحدهم في انفجار عندما دفع تيلور بعيدا عن موضع الانفجار لينقذ حياته.
ورغم كل ذلك فإن تيلور يعتقد أن المشاركة العسكرية شيء لابد منه من أجل إعادة إعمار أفغانستان قائلا:" إن مساندة الشعب الأفغاني مهمة. لقد وصل الاقتصاد هناك إلى حافة الانهيار. هناك الكثير من الفساد. أعتقد أننا نساعد الأفغان في إعادة تنظيم حياتهم من خلال إعطائهم شعورا بالأمن. لو لم يكن هناك تواجد عسكري أجنبي لعاد كل شيء إلى سابق عهده".
غير أن تيلور لا يعتقد في إمكانية انتصار القوات الأجنبية على طالبان قائلا:"أغلب الظن أننا لن ننتصر في هذه الحرب، إنهم يشكلون دائما خلايا صغيرة ويتعمدون عدم معرفة شيء عن الخلايا الأخرى حتى لا يضطرون للبوح بمعلومات عن بعضهم إذا وقعوا في الأسر. لا نستطيع مواجهة هذه الاستراتيجية".
ولكن تيلور لا يرى بديلا للتواجد الأمريكي العسكري في أفغانستان مما جعله يدعم خطط الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما لرفع عدد الجنود الأمريكيين في أفغانستان :ar!