الإهداءات



المنتدى الــعـام يختص بالمواضيع العامه , كل موضوع ليس له قسم مخصص به يوضع هنا

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع طرق مشاهدة الموضوع
قديم 08-09-2009, 07:00 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : المنتدى الــعـام
m تاريخ اليمن القديم

ثمة قصة ظلت مدفونة تحت رمال الجزيرة العربية مدة ثلاثين قرنآ حيث تعصف الرياح الأن ازدهرت ذات يوم أرض غنية وخصبة وفي وسطها قامت مدينة ذات ابراج عالية حكمتها الملكة والشخصيه الشهيرة المعروفة بأسم الملكة سبأ تبرز من الرمال الحقائق المتعلقة
بهذه المرأة الأسطورة والحضارة التي حكمتها ذات مرة لستخدام لمنقبين أحدث
التقنيات من أجل إعادة بناء ضريحها:

ملكةسبأ

الملكة التي وصفت في الكتب السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والأسلامية وفي كتب الأنساب العربية هي ملكة سبأ الشخصية السحرية انتقلت قصتها من جيل إلى جيل مدة ثلاثين قرنآ لتروى من جديد بعشرات اللغات قدمت هوليود نسخة عن القصة وصورت
ملكة سبأ أمرأة وثنية تسعى لأغوى الملك سليمان 00
نيكولاس كليب : ان أطلاق العنان للخيال إلى حدآما وأضفاء سمة الشاعرية علي قصة وحقيقة قديمة يحفضها من الأندثار0
تبقى ملكة سباءحتى هذااليوم من أكثر الغاز التاريخ غموضآ0
، البرفسورة فونتانيا: قد تكون القصة عن ملكة تاريخية حقيقية وقد تكون قصة مركبة عن عدة شخصيات نسائية مختلفة حكمن البلاد في العصور القديمة حيث عجز الباحثون عن وصف هذه الشخصية بدقة ممايزيد من مكانتها الأسطورية0
يبدأ البحث لكتشاف المزيد عن هذه الملكة الأصدورة ومملكتها الزائلة منذ امد بعيد في صحراء اليمن الجنوبية تنفق علي البعثة سيدة في 67 من عمرها تدعى مرلين فلبس هدسن وقد جاءت بعثتها الأثرية إلى أطلال مدينة مارب المدينة التي كانت ذات مرة عاصمة الأمبراطورية تجارية كبرى يسميها العرب سبأ والى جوار المدينة المطمورة تحت الأف الأطنان من رمال الصحراء تقع اطلال مقام مأرب الكبير الاوهو ضريح بلقيس معبد سبأ يعود سبب قدوم مرلين إلى نصف قرن مضى ففي عام1952 قاد شقيقها وندل بعثة أثرية أمريكيةإلى اليمن كان وندل مفتون بأصدورة سبأ وتمنى ان يجد مايثبتتاريخيآ بأن ملكة سبأ هي ملكة حقيقة جازف وندل بحياته رغبة في تحقيق طموحه فبدآ بالحفر في الموقع وستخدم 260 من العمال البدو للمساعدة في رفع الغطاء عن بناء ضخم لم تلمسه يد لأكثر من ألف عام وشيأفشيأ برزت ساحة وبرز معها دليل علي امبراطورية منسية انها سبأ وقد دلت الكتابات علي ان المعبد والأشكال التي بداخله مخصصة لأله الخصب الماكا بما ان كتب التراث العربي ربطت سبأ بعبادة الخصب القديمة فقد عززت القيات الأمل بأيجاد الدليل في هذا المكان0
فويس وندل فلبس: كم كانت هذه المنطة رائعة في القرن العاشر قبل الميلاد حين حكمت جلالة ملكة سبأ هذه المنطقة ان معبد بلقيس اغلا كنز أثري باقي تم تنقيبة في أي مكان من العالم العربي والشرق الأوسط0 القناة:
لكن لم يقتنع الجميع بأكتشافات وندل فلقد أعتقد بعض الأثريين ان لمعبد يعود إلى عام 400 ميلادية أي إلى مابعد لقاء سليمان ببلقيس بـ 14 قرانآ لم يثني ذلك وندل بل أصر علي أعتقاده انه علي وشك اثبات صحة رأيه ثم تدخل القدر فقد بلغت احقاد القادة المحليين حدها الأعظم وسعى وندل للأبتعاد بفريقه خارج اليمن0
وندل: تلقيت معلومات تفيد بأنني سأتعرض لعملية أغتيال في الساعةالثالثةمن بعد ظهر اليوم التالي لم نكن نعرف ماذايجري وقد ارتكزت على تصرف للنجاة وهو انهم لم يصدقواإن امريكياً يتخلى عن مليون دولار من العتاد والمعونة لإنقاذ رفاقة الامريكيين فابتعدنا دون ان نطلق رصاصة واحدة.

لم يعد وندل الى اليمن فقد حلت به سلسلة من المصائب واعتنت به اخته مارلين في اواخر حياته.. مرلين فلبس : عندما اصابه الشلل ولم يعد يقوى على الحركة علمته كيف يمشي من جديد ويستخدم رأسه فاستطاع بعد ذلك ان يتحرك ويجلس ساعات يخطط لبعثات جديدة ..
خلال العقود التالية اغلقت اليمن نفسها عن العالم الخارجي واستردت الصحراء المعبد .. مرلين: لم يكن في الحسبان ان اقوم انا بالبعثه فقد كان بصحة جيدة وقد كان هو الذي سيقوم بالبعثة ولكن عندما اصابته ازمة قلبية ثانية انتهى كل شيء فجأة لم يتوقع احد
حدوث ذلك .. :كانت مارلين كأخيها من قبلها على قناعة بأن الدليل على ملكة سبا سيتم إكتشافه هنا .. كانت اليمن مغلقة قروناً على الغرباء وتمزقت نتيجة الحروب الاهلية حتى الان لايزال القادة العسكريون في الصحراء يختطفون الاجانب من أجل الفدية إلا ان المخاطرفشلت في ثني مرلين عن هدفها فبعد ربع قرن من مناشدت السلطات اليمنية تم السماح لها بالعودة الى المعبد القديم ..
مرلين: اعتقد بأن ملكة سبأ كانت موجودة فعلاً وإلا لماذا تتغلغل هذه القصص في حياةالكثيرين وخاصة في الجزيرة العربية إنهم يعتقدون بها إعتقاداً راسخاً0
بدأ الحفر في المعبد القديم تحت حراسة مشددة تأمل البعثة في ايجاد دليلاً على ان ملكة سبأ كانت هنا ولديها من الوقت شهراً واحدا فقط بعد ذلك لا تظمن السلطات سلامتها ،
يقود بعثة مارلين البروفسور بيلي جلاند مان من جامعة قيلقاري الكندية يقوم بيل بأختيار مناطق للحفر في الاجزاء التي لم يمسها أحد في الموقع من قبل على أمل انتلقي ضوء على السبئيين وملكتهم الشهيرة .
وليم كلينزمان : المعبد هنا في ظريح بلقيس مهم جداً لأن مملكة السبئيين القديمة تمركزت هنا في مأرب ويعد هذا المكان مركزاً تاريخياً كبيراً فضلاً عن ذلك هو اضخم معبد منذ فترة ما قبل الاسلام تم اكتشافه حتى الآن في الجزيرة العربية, كان هنالك على الدوام ملكات قويات ترتقي شهرت ومجد بعظهن الى بعض الملكات المصريات مثل حتشب سوت وكاليوباترا على سبيل المثال إلا ان ملكة سبأ مختلفة قليلاً إن اغفلنا اسمها لايمكننا التعرف عليها كشخصية تاريخية وعلينا ان نجد رابطاً ما أن وجد مثل هذا الرابط بغية ايجاد الحقيقة التاريخية لتلك الملكة وللقصص التي تدور حولها. يشغل الموقع ستون الف متر مربع وكل شبر يتطلب تنظيف يدوي فالتقدم بطيئ جداً تعوقه العواصف الرملية التي تظهر وتختفي دون سابق إنذار وفي العرف الشعبي العربي تدعى هذه الزوبعات الرملية احيانآ بالجن او أن الجن له صلة وثيقة مع ملكة سبأ الاسطورية ففي حكايا البدو يقال إن ملكة سبا قد ولدت من روح كهذه الروح وتبعاً لخرافة من مأرب عاصمة سبأ القديمة والتي كانت مدينة كبيرة ومزدهرة يقال إنه عاشت فيها بين التجار روح جميلة تدعى أميه وقعت أميه بجنون في هوى مستشار كبير من مستشاري الملك وولدت لهما نتيجة علاقنهما غير المشروعة بنت نصفها بشر ونصفها الاخر جن فسموها بلقيس واعطوها الى ارواح الصحراء لتربيها عندما كبرت بلقيس علمت من القوافل العابرة إن ملك شريراًجاء ليحكم مأرب وذات ليلة تسللت الى مخدع الملك وأغمدت خنجراً في قلبه وأنقذت الناس في سبأ وحلت محله في الحكم . مر اسبوعان آخران من الحفر وتتجدد آمال مارلين اكثر بايجاد علاقة مابين الموقع واسطورة ملكة سبأ. ظهر بناء ضخم وكانت دهشة مارلين كبيرة فقد وجدوا نقوشاً تحمل اسم ملك
مما يؤكد إن المعبد كان بناء ملكياً ووجدوا ايضاً على بعض الجدران كتابات فيها مراسيم ملكية وتكريس لإله المعبد ما يحز بنفس مارلين إن ولدن لم يعش الى ان يرى حلمة الذي سعى اليه قد بدأ يتحقق لكنها تحاول أن توجد ثمراً لجهوده التي بذلها إن كان هذا البناء حقاً بناء ملكياً فمن المؤكد إنه يحتوي على المزيد من الكتابات والمدافن الملكية . لم يتمكن وولدن فيلب من إثبات وجود صلة بين المعبد القديم وبين ملكة سبأ إلا ان التقنيات الحديثة غيرت الفرضيات التقليدية عن عمر الموقع
. كلينزمان: نحن نعرف أن المعبد يرجع عهده الى مابعد زمن الملك سليمان أي الى مابين تسعمائة وخمسة عشر وتسعمائة قبل الميلاد في الواقع هو اقدم من ذلك بنحو خمسمائة او ستمائة سنة وفقاً للأدلة الأثرية ومن المحتمل أن نجد دلائل وإثباتات تشير الى إن ملكة سبأ قد عاشت هنا.
هل يمكن أنيدل المعبد القديم على أنه كان يعود يوماً لملكة سبأ. إبان القرن العاشر قبل الميلاد في الوقت الذي يعتقد إن ملكة سبأ عاشتفيه كانت مدينة مأربمركزاً تجارياً ومحطة للقوافل التجارية وكانت مكاناً لتبادل الحكايا













 
عرض البوم صور ابوسلطان  
قديم 08-09-2009, 07:28 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابوسلطان المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي


اليمن قطر عظيم من الأقطار التي كوَّنت الدعامة الأساسية للأمة الإسلامية منذ الأيام الأولى لهذا الدين، فقد دخل أهل اليمن في دين الله أفواجًا منذ عهد رسول الله r، وكانت لهم مشاركة فاعلة في مسيرة الأمة الإسلامية، حتى إن مجاهديهم وأبطالهم كانت لهم علامات بارزة في الفتوح الإسلامية، ولعل من أبرز المشاركات اليمنية في حركة الفتوح، هو جهدهم الوافر في فتح الشام ومصر وشمال إفريقيا والأندلس وغير ذلك من مناطق في العالم.


اليمن أرض العلم والعلماء ولم تتوقف المشاركة اليمنية المؤثرة في ميدان الجهاد والفتوح فقط، إنما كانت لهم مشاركات مؤثرة جدًّا في مسيرة العلم والعلماء، وما أكثر العلماء الذين رغبوا في السفر إلى اليمن لتلقي العلم على أيدي جهابذتها ومفكريها! وليس أدل على ذلك من حرص الإمام الجليل أحمد بن حنبل على السفر إلى اليمن لاستكمال دراسته العلمية هناك، مع حالة الفقر الشديدة التي كان عليها الإمام الجليل؛ مما اضطره الأمر أن يسافر من بغداد إلى اليمن ماشيًا على قدميه، ومع هذه المشقة إلا أنه وجد الأمر ضروريًّا جدًّا؛ لكي يكمل بعض الجوانب العلمية عنده.


أرق أفئدة وألين قلوبًا وعندما نتحدث عن اليمن فإننا لا نقصد العلماء والمجاهدين والقادة والمفكرين فقط، بل نتحدث عن الشعب بكامله، فهم في عمومهم من أرق شعوب العالم وأطيبهم، ولقد شهد لهم رسول الله r شهادة عظيمة هي خير لهم من الدنيا وما فيها، وذلك عندما جاء وفد اليمن إلى المدينة المنورة، فقال رسول الله r: "أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ"[1]. وأرى أن هذا من معجزات الرسول r التي رأيتها وخبرتها بنفسي، فقد تعاملت مع كثير من اليمنيين، وزرت اليمن مرات عديدة، وفي كل هذه التعاملات أجدهم -كما وصف حبيبي r- ألين قلوبًا وأرق أفئدة، وكم دعوتُ لهم بدعاء الرسول r عندما قال: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا"[2].

إنه قُطْر جليل بمعنى الكلمة..


دخول الإسلام اليمن وقصة الزيديين وكما ذكرنا فإن قصة الإسلام فيه قديمة، فقد دخله الإسلام في عهد الرسول r، ومن ثَمَّ صار اليمن إقليمًا إسلاميًّا مهمًّا في الدولة الإسلامية، وظل كذلك في عهد الخلفاء الراشدين، وكذلك في عهد الخلافة الأموية، وصدر الخلافة العباسية.

وفي زمن الخليفة العباسي المأمون، وتحديدًا في سنة 199هـ خرج عليه في الكوفة أحد الزيديين، وهو محمد بن إبراهيم طباطبا، وأرسل ابن عمه إبراهيم بن محمد إلى اليمن لكي يستكثر من الأنصار. والزيديون هم أتباع المنهج الذي وضع أصوله زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو منهج محسوب على الشيعة وإن كان فيه تقارب كبير مع أهل السُّنَّة، وهم لا يقولون بمعظم البدع والخرافات التي يتكلم بها الشيعة الاثنا عشرية (شيعة إيران والعراق ولبنان والخليج)، وإنما يتعاملون بالقرآن والسُّنَّة كبقية المسلمين، غير أن لهم بعض الآراء الخاصة في قضية الإمامة؛ فهم يحصرون الإمامة في نسل علي بن أبي طالب t من فاطمة -رضي الله عنها- بنت رسول الله r، ولا يحدِّدون شخصًا معينًا في هذا النسل، بل يقولون: إن الشخص الذي تنطبق عليه شروط الإمامة كالنسب من فاطمة رضي الله عنها، وكالعلم والتقوى وحسن الرأي لا بُدَّ أن يخرج داعيًا لنفسه، فإذا بايعه الناس صحت إمامته. وهم يجوِّزون أن يخرج إمامان في قُطْرين مختلفين، ومن ثَمَّ خرج منهم الكثير عبر مراحل التاريخ المختلفة.

وبالمناسبة فإن الكثير من علماء السنة يعتبرون "زيد بن علي" من علماء السنة الأفاضل، وهو كذلك، فهو من الأئمة الأعلام، وكان ينادي بالخروج على أئمة الجور، وكان يُعظِّم من شأن الصحابة، وكان يُقدِّر أبا بكر وعمر رضي الله عنهما، غير أنه كان يرى أن علي بن أبي طالب t أفضل منهما. وهذا غير صحيح، مع جلالة قدر علي بن أبي طالب t، ومع ذلك فزيد بن علي كان يرى صحة خلافة أبي بكر وعمر؛ لأنه يجوز عنده ولاية المفضول في وجود الفاضل. وهو بذلك يختلف اختلافًا جذريًّا عن الشيعة الاثني عشرية الذين يرفضون إمامة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بل يتقربون إلى الله بلعنهم كما يقولون

الزيدية أقرب إلى السنة ومن هنا فإن الزيدية وإن كانت معدودة من مذاهب الشيعة إلا أن نقاط التَّماسّ مع السُّنَّة أكثر بكثير من نقاط تماسِّهم مع الشيعة، وقد لا تستطيع أن تفرِّق أحدهم عن السنة، وقد التقيت مع الكثير منهم في اليمن، وهم يترضُّون على الصحابة ويقدِّرونهم، ويصلون مع السُّنَّة في نفس المساجد، وليس لهم بدع الاثني عشرية المعروفة، والتي فصلناها قبل ذلك في مقالي: "أصول الشيعة" و"سيطرة الشيعة". بل إن منهم العلماء الأجلاء الذين أخذ عنهم الكثير من طلاب العلم السُّنَّة، وليس أفضل كمثالٍ من العالم الفذّ الشوكاني صاحب كتاب نيل الأوطار، فقد كان زيديًّا يمنيًّا رحمه الله.

ونعود إلى عهد المأمون حيث خرجت ثورة محمد بن إبراهيم طباطبا في الكوفة، ولكن المأمون استطاع أن يقمعها بالقوة، غير أنه لم يستطع ذلك بالنسبة لثورة إبراهيم بن محمد في اليمن، ولعل ذلك يرجع إلى بُعد اليمن عن بغداد، وكذلك إلى طبيعة اليمن الجغرافية الجبلية الوعرة، إضافةً إلى الطبيعة العشائرية التي تجعل من السيطرة المركزية أمرًا صعبًا.. لذلك كله عمد المأمون إلى الأسلوب الدبلوماسي فأعطى إبراهيم بن محمد الزيدي ولاية اليمن على أن يكون تابعًا له، وتم ذلك بالفعل، وأطال ذلك في عمر تبعية اليمن للخلافة العباسية قُرابة المائة عام، ولكن كان هذا على حساب انتشار وترسُّخ المذهب الزيدي في اليمن.

بعد هذه الأحداث بعِدَّة عشرات من السنين، وتحديدًا في 284هـ، وفي زمن ضعف الخلافة العباسية، استطاع يحيى بن الحسين الرسيُّ أن يؤسِّس دولة زيدية في اليمن عُرفت بدولة بني الرسي أو دولة الأئمة، وانفصل بهذه الدولة عن الخلافة العباسية، وكان مقرها في صعدة في شمال اليمن، ولم تكن هذه هي أول دولة تنفصل بجزءٍ من اليمن عن الخلافة العباسية، فقد حدث قبل ذلك أن انفصل اليعفريون بدولة خاصة بهم مركزها صنعاء، وذلك في سنة 230هـ، غير أن اليعفريين كانوا سُنَّة ولم يكونوا زيديين.


الدعوة الإسماعيلية في اليمن تزامن مع قيام دولة بني الرسي الزيدية ظهور الدعوة الإسماعيلية الشيعية في اليمن، ولكن في مناطق الجنوب. وكما ذكرنا في مقالات سابقة: "أصول الشيعة"، و"سيطرة الشيعة"، فإنّ الإسماعيلية عبارة عن مذهب شيعي شديد الانحراف، إلى الدرجة التي جعلت معظم العلماء السنة يخرجونهم بالكامل من الملة الإسلامية، وقد سيطر هؤلاء على جنوب اليمن، وكان هذا بداية من سنة 290هـ، إلا أن دولتهم سقطت بسرعة في 304هـ. ومن هنا صارت اليمن مقسَّمة بين اليعفريين السنة ومقرهم صنعاء، والزيديين بني الرسي ومقرهم صعدة، وظل هذا الوضع على هذه الحال طوال القرن الرابع الهجري.


ظهور الأيوبيين وسقوط الإسماعيلية في القرن الخامس الهجري سقطت الدولة اليعفرية، وضعفت جدًّا الدولة الزيدية، وإنْ ظلت موجودة، ولكن ظهرت دول جديدة بشكل مؤثر في مسيرة الأحداث.. فقد ظهرت دولة سنية هي دولة النجاحيين (بني نجاح)، وكان مقرها زبيد (غرب اليمن)، واستمرت من سنة 403هـ إلى سنة 555هـ. وإلى جوار هذه الدولة ظهرت عدة دول إسماعيلية خطيرة، وهي دولة بني صليح، ومقرها صنعاء، من سنة 439هـ إلى سنة 532هـ، ودولة بني زريع، ومقرها عدن، من سنة 467 إلى سنة 569هـ. وكذلك دولة بني حاتم، وقد سيطرت على صنعاء من سنة 533هـ إلى سنة 569هـ.. وكانت هذه الدول الإسماعيلية تستمد قوتها وعونها من الدولة العبيدية القوية المعروفة بالدولة الفاطمية، والتي كانت تسيطر آنذاك على مصر، وأحيانًا على الشام؛ ولذلك فإن هذه الدول الإسماعيلية ما لبثت أن سقطت عند سقوط الدولة العبيدية الخبيثة على يد البطل المظفَّر صلاح الدين الأيوبي، وذلك في سنة 567هـ.

وبزوال هذا الكابوس الإسماعيلي عن اليمن بدأت اليمن عهدًا جديدًا سعيدًا مع الحكم السني المتمثل في الدولة الأيوبية، وذلك من سنة 569 إلى سنة 626هـ، ثم دولة بني رسول السُّنِّية من سنة 626هـ إلى سنة 858هـ.

ومع ذلك فلم يختفِ حكم الدولة الزيدية كُلِّّيَّة عن اليمن، بل ظل لهم تواجد في صعدة، بل كانت لهم فترة علوّ مهمة تُعرف بدولة بني الرسيّ الثانية، وذلك من سنة 593هـ إلى سنة 697هـ، أي أثناء حكم الأيوبيين والرسوليين.


دولة أئمة صنعاء وفي القرن العاشر الهجري تقاسم حكم اليمن العثمانيون والزيديون، فقد حكم العثمانيون من سنة 945هـ إلى سنة 1333هـ (388 سنة)، وكانت مناطق سيطرتهم في الجنوب أساسًا. أما بنو الرسي الزيديون فقد سيطروا على صعدة كعادتهم، إضافةً إلى صنعاء؛ ولذلك تعرف هذه الدولة في هذه الفترة بدولة أئمة صنعاء، وقد استمرت من سنة 973هـ إلى سنة 1382هـ (409 سنة)، وقد صارت لها السيطرة الكاملة على كل اليمن بعد صراعٍ مع الخلافة العثمانية، انتهى في سنة 1333هـ لصالح الزيديين.

وقد ظلت هذه الدولة الزيدية تحكم اليمن حتى سنة 1382هـ/ 1962م، عندما قامت الثورة اليمنية، لتنهي بذلك حكم الزيديين لليمن الذي بدأ للمرة الأولى منذ عام 284هـ، أي ما يزيد على ألف عام!

في هذه العجالة رأينا أن المذهب الزيدي له جذور عميقة في المجتمع اليمني، وقد ظلوا في الحكم طيلة هذه الفترة كلها، سواءٌ في حالة قوة أو ضعف، وظهر إلى جوارهم دول سُنِّية وأخرى إسماعيلية، وإن لم يدم تأثير المنهج الإسماعيلي كثيرًا؛ حيث بقي في اليمن حوالي 130 سنة فقط، ولم يكن يسيطر في كل الأوقات على كامل اليمن.

كما رأينا في الوقت نفسه أن الشيعة الاثني عشرية (الإمامية) لم يكن لها وجود مطلقًا على الساحة اليمنية، ومن هنا فإننا نجد أن أعداد الزيدية تقرب من 30% من سكان اليمن، بينما لا يمثل الاثنا عشرية إلا نسبة ضئيلة جدًّا من المجتمع اليمني، وليس هناك إحصاء دقيق لهذه النسبة.

ومع ذلك فإننا نسمع الآن عن مشاكل الحوثيين في شمال اليمن، وخاصة في منطقة صعدة، ونسمع أن مذهبهم اثنا عشريّ، ونسمع عن تأييد إيران لهم، فمِن أين جاء الاثنا عشرية إلى اليمن؟ وكيف تفاقم الأمر حتى صارت هناك هذه المعارك المستمرة بين الحكومة اليمنية وأتباع الحوثي؟

هذا حديث قد يطول؛ ولذلك نُفرِد له المقال القادم بإذن الله.

ونسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.

د. راغب السرجاني












عرض البوم صور ابوسلطان  
قديم 08-09-2009, 07:33 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابوسلطان المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي

قصة الإسلام في اليمن
نشأت باليمن حضارات منها حضارة سبأ والدولة المَعِينِيَّة فبنَوْا سدَّ مأرب، ثم ظهرت الدولة الحميرية، وتميزت بالاضطرابات، فدخلها الرومان، والأحباش، ووقع السيل فخرب العِمران، ودخلها الأحباش مرة أخرى بقيادة أبرهة الأشرم، فكانت واقعة الفيل، ثم احتلها الفرس، وكان آخر ولاتهم (باذان) فاعتنق الإسلام.
وكان اليمن مقسمًا بين حمير، وحضرموت، وكندة، وهَمْدان، وبين حُكْمٍ فارسي في صنعاء وعدن وما حولها، وبين جَيْبٍ في نجران للنفوذ الروماني الحبشي، فأسلم أبو موسى الأشعريِّ في الأشاعرة، والطفيل بن عمرو في دَوْس، وقيس بن نمط في هَمْدَان، فنشروا الإسلام في قبائلهم، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم رسالة إلى باذان فأسلم، أما نصارى نجران، فقَدِمَ وفدهم المدينة فقَبِلُوا أن يَفْرض عليهم مال الصلح، واشترط عليهم شروطًا أَدْرَج ضمنها يهود نجران، أما حمير فأرسل إليها عدة رسل فأسلم ملوكها.
وأرسل النبي إلى اليمن بعض الصحابة مثل علي بن أبي طالب وغيره، ثم تنبأ الأسود العنسي، وبموت النبي ارتدَّ كثير من أهل اليمن، فكانت، فأرسل أبو بكر الصديق ثلاثة جيوش؛ فعادوا إلى الإسلام، فجاهدوا مع الجيوش الإسلامية، ففي الأندلس قلاع بأسمائهم، كقلعة هَمْدَان بغرناطة، ومنهم العلماء كمالك بن أنس الأَصْبَحِيّ إمام السنة، وعبد الرحمن الغَافِقِيّ.
وفي زمن الفتنة اضطربت الأمور وشاع القتل بين أتباع علي بن أبي طالب وأتباع معاوية، وفي أواخر الدولة الأُموية غلب الخوارج، فدخلوا مكة والمدينة، واتَّجهوا نحو الشام فتصدى لهم الخليفة مروان بن محمد، ثم انفصلت اليمن عن الدولة العباسية، ونشأت بها دويلات مستقلَّة، فقامت دولة بني زياد ومركزها (زبيد) بِتِهَامة، وحَكَم بنو يَعْفُر صنعاء، وسيطر القرامطة على اليمن ونهبوا مدنها، وسيطر بنو صُلَيْح على صنعاء، أما صَعْدة فكانت تحت حكم دولة (بني رسّ) الشيعية، وقد ظلَّت الأوضاع تلك على حالها حتى مجيء الأيوبيين؛ إذ جمعوا أمر عدد من الإمارات، ثم قامت الدولة الرسولية، وتميَّز حُكمها بالتقدم العلمي، ثم قامت الدولة الطاهرية، ثم استولى البرتغاليون على بعض سواحل اليمن، فاستطاع المماليك طردهم فدخلوا اليمن، ثم هزمهم العثمانيون في بلاد الشام ومصر، فانسحبوا من صنعاء، وصاروا تحت السيادة العثمانية، وظهرت الدولة الزيدية بزعامة يحيى بن الحسين الرسي، فثار الأئمة الزيديون ضدَّ العثمانيين، ثم ضعفوا، واستقلت القبائل والمدن عنهم، ثم عاد النفوذ العثماني.
واحتل الإنجليز عدن وعسير بعد هزيمة محمد علي في الشام، وعقده معاهدة لندن التي حدَّدت نفوذه في مصر فقط، وضعف أمر الأئمة وبدأ الخلاف بينهم، وقامت ثورة في ربيع الثاني عام 1367هـ = 1948م أطاحت بالحكم، واشترك فيها عبد الله بن أحمد الوزير، ثم أعلن عبد الله السلال نهاية حكم الإمامة وقيام الجمهورية اليمنية، قامت ضده انقلابات فاسْتَنْجَدَ السلال بمصر، فوقع في اليمن صراع طويل ومرير بين أنصار الإمام أو مَنْ يُعرفون بأنصار المَلَكِيَّة اليمنية وأنصار الجمهورية، وقد انسحبت القوات المصرية من اليمن عام 1387هـ = 1967م، كما قررت بريطانيا الانسحاب من جنوب اليمن المحتل عام 1388هـ / 1968م، ثم قام انقلاب تزعمه علي عبد الله صالح وتم توحيد اليمن.




د,,راغب السرجاني












عرض البوم صور ابوسلطان  
قديم 08-09-2009, 07:37 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابوسلطان المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي

الإسلام يدخل اليمن
ولا ريبَ أن إسلام اليمنيين لم يأتِ بين عشية وضحاها؛ فلم يكن يخفى عليهم أمر البعثة النبوية (610م)، وذلك من خلال الرحلات التِّجارية التي كانت بين قريش واليمن، وما تلاها من دعوة سرية وجهرية، ثم مخاطبة الرسول r الوافدين من القبائل المجاورة، وبعد ذلك هجرة بعض المسلمين إلى الحبشة، ثم إلى المدينة وبداية تكوين الدولة الإسلامية، والتي ظهرت مكانتها الخاصَّة بعد غزوة بدر الكبرى (2هـ - 623م)، لتُهَدِّد بعد ذلك دولة الروم في دومة الجندل (5هـ - 626م)، وتتوسَّع فيما حولها على حساب يهود بني قَيْنُقَاع وبني النضير وبني قُرَيْظة، ثم تُقِرُّ سلطانها بعد صلح الحديبية (6هـ - 627م) أمام زعيمة الجاهلية العربية قريش، فكان لكل هذه الأحداث المتلاحقة أثر كبير في أهل اليمن، فجاء تأثُّرهم بالإيجاب في ذلك إما رغبة أو رهبة.
وقد كانت اليمن في تلك الأثناء منقسمة بين قوى قَبَلية هي: حمير، وحضرموت، وكندة، وهَمْدان، وبين حُكْمٍ فارسي في صنعاء وعدن وما حولها، وبين جَيْبٍ في نجران للنفوذ الروماني الحبشي، وهو الجَيْب الذي كان فيه نصارى نجران هناك.
والحقيقة أن إسلام أهل اليمن لم يأتِ دَفْعة واحدة أو في زمن واحد أو بوسيلة واحدة، وإنما كان لكلٍّ قوَّة، ولكلِّ قبيلة في اليمن أسلوب انتهجه واتبعه معها رسول الله r؛ وكانت المقدِّمة حينما أسلم أفراد من قبائلَ مختلفة - كأبي موسى الأشعريِّ في الأشاعرة، والطفيل بن عمرو في دَوْس، وقيس بن نمط الهَمْدَاني في هَمْدَان - فأخذوا يَنْشَطون للدَّعوة في قبائلهم[1].
أما بالنسبة إلى الأبناء[2]r بعث رسالة إلى باذان - حاكم اليمن من قِبَلِ الفُرس - دعاه فيها إلى الإسلام، فاستجاب باذان لدعوة الإسلام، وتَبِعَه في ذلك أتباعهr على اليمن، فلم يزل عاملاً عليها حتى مات[4].: فإن الرسول[3]، وقد أقرَّه الرسول

نصارى نجران
وأما نصارى نجران، فإن وَفْدَهم قَدِمَ المدينة ولم يكن مقصودهم الإسلام، وإنما الجدال والمفاخرة والملاعنة، وذلك بعد عرض الإسلام عليهم ومناقشتهم للرسول r، ولمَّا أخلفوا موعدهم في ذلك خيَّرهم الرسول r بين الجزية والقتال، فرفضوا القتال، ورفضوا أيضًا (صورة الجزية)، ولكنهم قَبِلُوا أن يَفْرض عليهم شيئًا من المال كلَّ عام، عُرِف بمال الصلح، واشترط عليهم شروطًا أَدْرَج ضمنها يهود نجران[5].
وأما قبيلة حمير، أعظم القوى القَبَلِية في اليمن وأعرقها، وصاحبة السيادة في تاريخ اليمن قبل الإسلام: فقد أرسل إليهم الرسول r أكثر من رسول، كان أوَّلهم المهاجر بن أبي أمية في السنة السابعة، وقد جاء بالبشرى بإسلام ملوك حمير مالك بن مرارة الرَّهَاوي، الذي أُرسل في السنة التاسعة للهجرة أو أواخر الثامنة[6]r مُعَاذ بن جبل إلى اليمن في أواخر السنة التاسعة للهجرة؛ ليتولَّى ليس القيادة الإدارية للمنطقة الجبلية كلها الممتدة من نجران شمالاً حتى عدن جنوبًا، وليس قبيلة حمير وحدها، وإنما لتكون جزءًا من وَحْدَة إدارية كبيرة عُرِفت بالمِخْلاَف الأعلى[7]. وبمثل ذلك جاءت وفود بقيَّة القبائل، مثل: كِنْدَة، وإقليم حضرموت، وتِهَامة اليمن[8].، وقد بعث الرسول

كيف دخل اليمنيون الإسلام؟
وإذا كان إسلام هذه القوى وتلك القبائل قد أخذ الطابع السِّلْميَّ، عن طريق استجابتهم لدعوة الإسلام دون حرب أو قتال، فقد انتهجت الدولة الإسلامية كذلك أسلوب البعوث والسرايا تجاه بعض القبائل اليمنية الأخرى التي لم تستجب لدعوة الإسلام، كان منها تلك التي أُرْسِلَت إلى قبيلة (دَوْس) بقيادة الطفيل بن عمرو على إِثْر غزوة حُنَيْن وقبل حصار الطائف[9].
وعلى هذا فإن مجموع أهل اليمن يكون قد دخل الإسلام بين العام السادس للهجرة وعام الوفود في السنة العاشرة، وذلك باستثناء نصارى نجران[10]، وذلك إما عن رغبة في الدين الجديد، وإما رهبة من قوَّة المسلمين الجديدة النامية في المدينة، وقد جاء ذلك بطريقتين، الأولى: دَعَوِيَّة سلمية تَجَاوَبَ معها اليمنيُّون، وكانت في معظم جهات اليمن، والثانية: هي طريقة السرايا والبعوث العسكرية، وكان ذلك في الجهات الشمالية من تِهَامة، وتلك التي يقطنها البدو غير مستقرِّين.



الردة بين قبائل اليمن
ولعلَّ العامل الثاني في دخول أهل اليمن الإسلام هو الرهبة من الدولة الإسلامية الفتيَّة، كان أهم الأسباب في حدوث الردَّة التي وقعت بعد وفاة الرسول r في الجزيرة العربية، والتي لم تسلم منها قبائل اليمن.
وقد كان من أول مظاهر الردَّة في اليمن ما ظهر من حركة عبهلة بن كعب الذي عُرِف بالأسود العَنْسِيِّ، وكان يتمتَّع ببنية قويَّة ومنطق معسول[11]r في اليمن[13].، فقد اعترف بنُبوَّةٍ مِن قريش، ونُبوَّة مِن ربيعة، ليُمَثِّل هو نبوَّة اليمن[12]؛ إذ الأمر لم يكن يَعْدُو عنده إلا مجرد منافسة قَبَلية، وقد حرص على جمع الزعامات الدينية حوله، لكنَّه لم يُفلِح إلا في نطاق ضيِّق وفي فترة قصيرة، ثم خسر الجولة في النهاية على يَدِ الحِلْفِ الموالي لسياسات الرسول
وبموت الرسول r ارتدَّ كثير من أهل اليمن، وقد جاء التصدِّي لهذه الردَّة في اليمن في اتِّجاهين، تمثَّل الأوَّل في تصدِّي أولئك الذين ثبتوا على الإسلام من أبناء القبائل المرتدَّة نفسها، ومن أمثلة ذلك: مسعود الْعَكِّيُّ في وسط (عكٍّ والأشعريين)، وفروة بن مُسَيْك المُرَادِيُّ وغيره في مراد، وعمرو بن الحجاج الزُّبَيْدي في زُبَيْد، وعبد الله بن عبد المدان في بني الحارث.
وأما الاتِّجاه الثاني فيتمثَّل في تصدِّي الدولة الإسلامية لهم، حيث أرسل الخليفة أبو بكر الصديق t ثلاثة جيوش إلى اليمن: الأول بقيادة سُوَيْد بن مُقَرِّنٍ المازِنِيِّ ووِجْهَتُه تِهَامَة، والثاني جيش عكرمة بن أبي جهل الذي انضمَّ إلى زياد بن لَبِيد الْبَيَاضِيِّ أمير إقليم حضرموت؛ وذلك لتشديد الخناق على كِنْدَة، أما الثالث فكان جيش المهاجر بن أبي أمية، وهو أكبر الجيوش المرسلة إلى اليمن، وكان يضمُّ عددًا من المهاجرين والأنصار، وكانت مهمَّته أوسع، وهو الذي تتبَّع مَن بقي من أتباع الأسود العَنْسي في مَذْحِج، ثم توجَّه إلى حضرموت وشارك في حصار كِنْدَة مع زياد بن لبيد الْبَيَاضِيِّ وعكرمة.

دور اليمنيين في بناء الدولة الإسلامية
وكانت النتيجة أن دخل أهلُ اليمن من جديد في الإسلام، بعد أن قُتِل من قُتِل، وعاد إلى الإسلام من كتب الله له الخير، ومِن بعدها أصبح اليمنيون يتجمَّعون حول مفهوم الأُمَّة وليس مفهوم القبيلة أو العشيرة[14]، وقد كانت لهم انطلاقاتهم فيما بَعْدُ في بناء الخلافة الإسلامية في كل بلاد الإسلام في الأزمان اللاحقة؛ فقد خرجوا مع الفتح الإسلامي في جيش عمرو بن العاص وغيره من الجيوش، واستقرَّ كثير منهم في بلاد الشام ومختلَف أقطار العالم الإسلامي.
تشهد لهم في الأندلس تلك القلاع التي تُسَمَّى بأسمائهم، كقلعة هَمْدَان في غرناطة، وقلعة خَوْلان في إشبيلية، وقلعة يَحْصُب وغيرها، كما يَشْهد لهم نبوغ كثير منهم بالعراق والشام والأندلس، منهم جماعة من العلماء كالقاضي عامر بن شَرَاحِيل الشَّعْبِيِّ، ومَسْرُوق الهَمْدَاني، وطلحة بن معرق الهمداني الْيَامِيّ، وإبراهيم النخعي المَذْحِجِيِّ، والأشتر النَّخَعِيِّ وغيرهم، وأشهرهم في ذلك: مالك بن أنس الأَصْبَحِيُّ إمام السنة، والقاضي عياض الْيَحْصُبِيُّ، وعبد الرحمن الغَافِقِيُّ من الأمراء البارزِينَ، ومنصور بن أبي عامر المَعَافِرِيُّ صاحب الأندلس[15].

اليمن في عهد الخلافة الراشدة
وفي زمن الخلافة الراشدة كان اليمن بكُلِّ تقسيماته الإداريَّة ولايةً أو ولاياتٍ تابعة للخلافة الإسلامية، ولم يشهد أحداثًا جسامًا إلا ما كان في زمن الفتنة، والتي تمثَّلتْ في مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان t (35هـ)، ثم موقعة الجمل (35هـ)، وصفّين (37هـ) والنهروان (38هـ)، ثم مقتل الخليفة الرابع علي بن أبي طالب t (40هـ).
ففي الصراع الذي نشب بين علِيٍّ ومعاوية بعد مقتل الخليفة عثمان y أجمعين وصل الوالي بسر بن أبى أرطاة إلى اليمن من قِبَل معاوية فتتبَّع شيعة علِيٍّ في اليمن بالقتل والمطاردة، ثم فرَّ أمام والي علي بن أبى طالب جارية بن قدامة السعدي الذي تتبَّع هو الآخر عثمانية اليمن وأعوان معاوية بالقتل والتشريد[16]، ثم غادر اليمن بعد سماعه بمقتل الخليفة علي بن أبي طالب، والذي تنازل بعده ابنه الحسن عن الخلافة لمعاوية، ليجتمع شمل الأمة عام 40 للهجرة، والذي عُرِف بـ"عام الجماعة"[17]، والذي مهَّد الطريق لبني أمية لإرساء خلافتهم وحكم المسلمين.



اليمن في عهد الدولة الأموية
وفي فترة الخلافة الأموية (41 - 132هـ) ولي اليمن أكثر من خمسة وعشرين واليًا، لعلَّ أطولهم مدَّة هو يوسف بن عمر الثقفي، الذي ولي اليمن ثلاثَ عشرةَ سنة، ابتداءً من خلافة هشام بن عبد الملك (105هـ)، وقد استأثر الثقفيون عامَّة بثقة بني أمية، فأكثروا من تَوْلِيَتهم ولايات مختلفة من بينها اليمن[18].
وفي خلافة ابن الزبير (64 - 73هـ) تولَّى اليمن من قِبَلِه أكثرُ من عشرة وُلاة، حتى إن فترة بعضهم لم تتجاوز الشهور[19].
وفي كثرة تغيير الولاة في فترة الخلافة الأموية لم نجد وقائع محدَّدة تكون مبررًا لذلك التغيير؛ ولعلَّه كان يجيء لحاجة دار الخلافة إلى تغيير الوالي لأمرٍ يراه الخليفة نفسه، وربما جاء استجابة لشكوى بأحد الولاة[20].
وفي أواخر الدولة الأُموية غلب الخوارج على اليمن، وكان زعيمهم عبد الله بن يحيى الحضرمي الملقب بـ "طالب الحقِّ"، فقد ثار بحضرموت، وتمكَّن من دخول صنعاء، ثم زحف شمالاً باتِّجاه مكة فسقطت بأيديهم، ووليها أبو حمزة الخارجي نائب عبد الله بن يحيى الحضرمي، ثم استولى بعد ذلك على المدينة، وبعدها اتَّجهوا نحو الشام إلا أن مروان بن محمد - آخر خلفاء بني أمية - أعدَّ لهم جيشًا كبيرًا قابلهم بوادي القرى، وأخذ يُلْحِق بهم الهزائم ويطاردهم، حتى وصل إلى حضرموت مُنْطَلقهم الأوَّل، حيث كان آخرَ نفس لهم، إلا أن عبد الملك السعدي قائد قوات مروان بن محمد قُتل في الجوف في طريقه إلى مكة لرئاسة موسم الحجِّ، ومن بعده عيَّن مروانُ بن محمد واليًا جديدًا على اليمن هو الوليد بن عروة، والذي بقي في منصبه حتى اضمحلَّت دولة بني أمية[21].

اليمن في عهد الدولة العباسية
ومن بعدها دخلت اليمن في حوزة العباسيين، وقد ساروا فيها من جهة نظام الحكم سيرة الأمويين قبلهم، فأرسلوا الولاة إلى اليمن، والذين تمكَّنوا من ضرب الثورات التي قامت ضدَّهم، مثل التي قامت في حضرموت على يد الخوارج زمن الوالي معن بن زائدة الشيباني، الذي ولي اليمن لأبي جعفر المنصور[22]، وتلك التي قامت في جهات تِهَامة والساحل زمن الوالي حماد البربري، الذي ولي اليمن لهارون الرشيد، والذي عانى من ثورة قام بها الهيصم بن عبد الصمد الحميري استمرَّت فترة طويلة[23].
إلا أن أمر العباسيين في اليمن لم يَدُمْ على القوَّة؛ وذلك لبُعْدِ اليمن عن مركز الحكم، ولطبيعتها الجبلية، ولوعورة أرضها، وللسبب نفسه كانت ملجأً لكثير من الفارِّين من الحكم أو الثائرين عليه؛ فانفصلت اليمن عن الدولة العباسية، ونشأ فيها الدُّويلات المستقلَّة، التي أَخذَت الطابع القبلي أحيانًا، والمذهبي (شيعي على وجه التحديد) أحيانًا كثيرة.


د,,راغب السرجاني












عرض البوم صور ابوسلطان  
قديم 08-09-2009, 07:44 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابوسلطان المنتدى : المنتدى الــعـام
ah7

دويلات وثوارت

فقامت دولة بني زياد السُّنِّيَّة سنة 204هـ، ودامت نحو قَرْنَيْن إلى أن انقرضت سنة 407هـ، وكان مركزها (زبيد) بِتِهَامة، وحَكَم بنو يَعْفُر الحَوَالِيِّين الحميريين صنعاء من سنة 247هـ وحتى سنة 387هـ، وكانوا على المذهب السُّنِّيِّ، وظهرت تلك الدولة في شبَام ثم في صنعاء في عهد أسعد بن أبي يَعْفُر الحَوَالِيِّ، ثم امتدَّت إلى حاشد في الشمال، وإلى مِخْلاَف جَعْفَر والجند والمَعَافِر في الجنوب، ويُعَدُّ حكم السلطان أسعد بن أبي يَعْفُر من أطول فترات حُكْم سلاطين بني يعفر، وسيطر القرامطة على اليمن بقيادة علي بن الفضل عام 292هـ ونهبوا مدنها، وفعلوا الأفاعيل، واستباحوا المنكرات، وقاموا بكل رذيلة، وقام بعدئذ بنو نَجَاح، وهم من مماليك بني زياد، وحكموا زَبِيدَ وملحقاتها سنة 412هـ. بينما سيطر بنو صُلَيْح على صنعاء 439 - 492هـ، وخلفهم بنو هَمْدان حتى 569هـ، وآل أمر زَبِيدَ إلى بني مهدي من 544 - 569هـ. وتسلَّم إمارة عدن آل زريع سنة 476هـ، وينتمون إلى المكرم اليامي الهَمْدَاني أول سلاطينها، ويُعْرَفون ببني زُرَيْع، وظلَّت هذه الدولة حتى عام 570هـ / 1174م، أما صَعْدة فكانت تحت حكم دولة (بني رسّ) الشيعية التي قامت عام 280هـ[1].
وقد تصارعت القوى المتعاصرة مع بعضها البعض، وتبادلت النصر والهزيمة سِجالاً، وأطيح بأُسَرٍ حاكمة لتحلَّ محلَّها أخرى إلى حينٍ، وتمكَّن بعضها من السيطرة على ديار بعضٍ؛ فكانت الغلبة أوَّلاً لآل زياد، ثم كانت للقرامطة على حساب اليَعْفُريِّين والزَّيْدِيَّين، ثم كانت لليعفريين والزيديين في تحالفهم بعد صراع ومجابهات ضدَّ الجُزْء الخطر من القرامطة، وهو علي بن الفضل، ثم جاء دور الصُّلَيْحِيِّين ليتمكن مؤسِّس الدولة علي بن محمد الصُّلَيْحي، التلميذ النجيب والنابغ للداعية الإسماعيلي سليمان الزواحي، من الإطاحة بكل القوى القبلية والحاكمة، وتوحيد اليمن تحت حكمه، بل إنه أدخل مكة تحت حكمه، ويخلف بنو نجاح آل زياد في زَبِيدَ، ويتبادلون النصر والهزيمة مع الصُّلَيْحِيِّين، والصُّليحيون تنقسم دولتهم، فتأخذ بالتدريج في الضعف والزوال، فيبسط النَّجَاحيون دولتهم في التهائم، ويقوى آل زريع ولاة الصُّليحيين في عدن، ويؤسِّسون دولتهم المسيطرة على عدن، وأبين، وتعز. ويتداول السلطة في صنعاء وما حولها أُسَرٌ هَمْدَانية، كآل حاتم، وآل القبيب، وآل عِمران، وفي زَبِيدَ يحلُّ بنو مهدي محلَّ آل نَجَاح[2].
وقد ظلَّت الأوضاع تلك على حالها حتى مجيء الأيوبيين (569 - 626هـ / 1173 - 1229م) إلى اليمن؛ إذ قضَوْا على عدد من الإمارات فيها وجمعوا أمرها، فأنهَوْا حكم بني هَمْدان في صنعاء، وبني مهدي في زَبِيدَ، وبني زريع في عدن[3].

الدولة الرسولية
وقد كان آخر الولاة الأيوبيين في اليمن السلطان المسعود الأيوبي، الذي تمكَّن من فرض هيبة الأيوبيين على مختلف القوى والمنافِسِينَ في اليمن، والذي عاد إلى الشام عام 626هـ مُخْلِفًا الأمير نور الدين عمر بن علي بن رسول نائبًا له في اليمن، والذي تمكَّن هو وإخوته من السيطرة على الأمور في اليمن، وتحقيق انتصارات مُهِمَّة على المنافِسِينَ؛ فَعَلَتْ بذلك مكانتُهم وعظمت قوَّتهم، والذي مهَّد لظهور الدولة الرسولية[4].
وتُعَدُّ الدولة الرسولية (626 - 858هـ / 1229 - 1454م) من أطول الدُّول عُمرًا في تاريخ اليمن الوسيط، وقد حكمها خمسةَ عشرَ ملكًا، أوَّلهم: نور الدين عمر الرسولي، وآخرهم المسعود[5].
وقد أعلن الرسوليُّون استقلالهم عن الدولة الأيوبية في مصر في عام 630 هـ / 1232م، وخطبوا للخليفة العباسي المعاصر لهم، بَعْدَ أن طلبوا منه أمرَ نيابة مباشر عنهم في اليمن دون وساطة الأيوبيين، وتمكَّن الرسوليون وبقيادة مؤسِّس مُلْكِهم الملك المنصور من توحيد اليمن كله تحت حكمهم، من حضرموت جنوبًا وحتى مكة شمالاً، وبسطوا سيادتهم الفعلية على كل جهات اليمن، ودخلوا مناطقَ وحصونًا لم يستطعها قبلهم الأيوبيون، ودانت لهم القبائل والأُسَرُ الحاكمة، كالأئمة الزيديين في صعدة وجهاتها، وآل حاتم في صنعاء وما حولها، ومع ذلك فقد جابه الرسوليون توثُّبات قوًى مختلفة، وجابهوا قوى زَيْدِيَّة بزعامة الإمام المهدي أحمد بن الحسين من جهة، ثم بزعامة أبناء وأحفاد الإمام عبد الله بن حمزة، وهم مَن تُطْلِق عليهم المصادرُ إجمالاً لقبَ الحمزات، وقد دخل الأئمة الحمزات في حرب تنافُسِيَّة على السيادة والنفوذ مع الإمام المهدي أحمد بن الحسين، وأُذِيقُوا شرَّ الهزائم، وخسروا كثيرًا من مواقعهم قبل أن يتدخَّل المظفَّر الرسولي إلى جانب الحمزات ويُمَكِّنهم من النصر، فاعترف الأئمة بسيادة الرسوليين على البلاد، كما جابه الرسوليون تمردًا من سلطان حضرموت سالم بن إدريس، فجهزوا له بعد المراسلات والإعذار حملات برِّية وبحرية انتهت بهزيمته ومقتله.
وبعد المظفَّر يأتي الملك الأشرف، فيدخل في حرب قصيرة مع أخيه المؤيَّد غير المعترف بحكم أخيه، لكن الموت يُعاجِل الأشرف الرسولي بعد ما يَزِيد قليلاً عن العام، ليأتي أخوه المؤيد فيحكم اليمن لخمس وعشرين سنة، يتمكَّن خلالها من ترسيخ هيبة الدولة عَبْرَ قضائه على التمرُّدات في المِخْلاف السُّلَيْمَاني بتِهَامة، ومقاومته لوثبات الأئمة الزيديين في الجبال. ويخلف المؤيَّد ولده المجاهد 721 - 764هـ / 1321- 1362م، الذي يبقى في الحكم ثلاثًا وأربعين سنة، يُجابِه فيها أعنف وأعتى التمرُّدات ضدَّ مُلْكِه من مختلَف الأطراف، حتى شهدت السنوات الأخيرة من حكمه تصدعًا في وَحدة اليمن السياسية، إذ لم يَمُتِ الملكُ المجاهد إلا وقد تمكَّن جيل جديد من الأئمة الزيديين في القسم الأعلى من اليمن، أمثال المتوكِّل مطهر بن يحيى، وابنه محمد بن المطهر، ثم المهدي علي بن محمد، والناصر صلاح الدين، وابنه المنصور علي، من بناء قوَّة جديدة لهم مكَّنتهم في الثلث الأول من القرن الثامن الهجري من السيطرة على القسم الأعلى من اليمن حتى ذمار، وسَلَخَهُ من جِسْم الدولة الرسولية، لتتقوَّض من جديدٍ أركان الوَحدة اليمنية للمرة الثانية بعد الصليحيين. وخلف المجاهد ابنه الأفضل، وجاء بعده الملك الأشرف الثاني، ثم الملك الناصر، ليعقبه الأشرف الثالث، ثم الأشرف الرابع، ثم يأتي المَلِكَان المتنافسان: المظفَّر والمفضَّل، ثم يليهم الملك الناصر الثاني ليُخْلَع، وليتمَّ تنصيب الملك المسعود آخر ملوك بني رسول، ليذهب هو ومنافسه المؤيَّد.
وفي أزمنة هؤلاء الحكام تميَّزت فترات حكمهم في المحافظة على مناطق نفوذ الدولة الرسولية، وفي القضاء على التمرُّدات المختلفة، ثم بالقضاء على التمرُّدات داخل البيت الحاكم، وهي التي قام بها الإخوان والأعمام ضدَّ بعضهم مستعينين بقوى المماليك، والتي حاول الملك الأشرف الثالث التنكيل بهم لإخراجهم من حسابات القوَّة مُحْرِزًا بعض النجاح، كما قامت حرب بين الملك الناصر الرسولي وإمام الزيديَّة علي بن صلاح الدين، عندما حاول الأخير غزو بلاد رداع التابعة للرسوليين والمحكومة من قِبَلِ ولاتهم آل معوضة، جدود المؤسِّسين لدولة بني طاهر فيما بعدُ، وهم الذين وفدوا على آل رسول أول الأمر عام 817هـ/ 1414م ثم عام 842هـ/ 1438م، ليأخذوا بعد ذلك في تقوية أنفسهم في جهاتهم، في وقت أخذت فيه الدولة الرسولية تزداد ضعفًا جرَّاء المنازعات الأُسَرِيَّة على السلطة، وهي التي مزَّقت دولة الرسوليين بين المتنافسين على السلطة، وكانت آخر المنازعات الحربية بين الملك المسعود الذي استطاع استعادة التهائم وعدن؛ ليزحف من هناك إلى تعز؛ لطرد الملك المظفَّر الثاني منها، وقد استغل مماليك تهامة الحرب بين الملكين ليُشَدِّدوا قبضتهم على تهامة، ولينصبوا الأمير حسين بن الملك الظاهر ملكًا، ويلقِّبوه بالمؤيَّد في العام 855هـ / 1451م، لنجد أنفسنا أمام ثلاثة ملوك رسوليين في وقت واحد، يتنازعون المُلْكَ والسيادة، وقد شجَّع هذا التنازع الصريح بين آل رسول ولاتهم وحلفاءَهم من بني طاهر على الطمع في وراثة أسيادهم من بني رسول، وذلك بدخولهم عدن عام 858هـ / 1454م، وأُسِرَ الملكُ المؤيَّد آخر حُكَّام بني رسول.
وقد تميَّز حُكم بني رسول طويل الأمد - بغضِّ النظر عن التاريخ السياسي الحربي - بكثير من الإنجازات المهمَّة في مَيْدان العلم والتِّجارة والزراعة والطب؛ فقد بنَوا المدارس الكثيرة، وأجزلوا العطاء للعلماء، وبرز في زمانهم العلماء والشعراء في كل فنٍّ، وكان كثير من ملوك بني رسول علماءَ وشعراءَ وأصحاب رأي ومؤلِّفي كتب في فروع المعرفة المختلفة، ولا تزال مدينة تعز إلى يومنا هذا تتزيَّن بمنجزاتهم العمرانية، كجامع المظفَّر وجامع الأشرفية، ومدرسة الأشرفية، وحصن تعز المسمى الآن قاهرة تعز، بالإضافة إلى آثار المدارس الفقهية[6].

الدولة الطاهرية وسيادة المماليك
وقد قامت الدولة الطاهرية (855 - 923هـ / 1451- 1517م) على إرث الدولة الرسولية، وأوَّل أمرائها عامر بن طاهر، الذي أخذ البلاد من بني الرسول، وأخذ بعضها من أئمة الزيدية إلى أن قُتِل في حربه معهم قُرْب صنعاء، فخلفه أخوه المجاهد علِيٌّ سنة 870هـ، ثم خلفه ابنه الظافر عامر سنة 894هـ، وكان عادلاً محبًّا للعلم والعلماء، حارب أئمة الزيدية في الجبال وغلبهم، واستولى على صنعاء.
وفي عهد الظافر عامر ظهر البرتغاليون، واستولوا على بعض سواحل الحجاز واليمن والهند، واستفحلت شرورهم، فأخذ بمراسلة المماليك الذين كانوا يجوبون البحر الأحمر وسواحل اليمن لمجابهة قوَّة البرتغاليين، فاستطاع المماليك بقيادة حسين الكردي الاهتمام بأمر البرتغاليين وطردهم من جزر قمران سنة 921هـ، ثم شجَّعه الأئمة الزُّيُود ضدَّ الظافر عامر الذي رفض التعاون معه ضدَّ البرتغاليين، فدخل حسين الكردي المملوكي اليمن واستولى على زَبِيدَ بعد معركة الرحب وذلك سنة 922هـ، ثم انتقل إلى تعز، ومنها إلى المقرانة فصنعاء، وأخيرًا جَرَت المعركة الأخيرة على أبواب صنعاء، وهي معركة الصافية التي قُتل فيها أخو السلطان، وهو عبد الملك بن عبد الوهاب، وفرَّ السلطان الذي قبض عليه أحد الرجال وسلَّمه إلى قائد المماليك الإسكندر بن محمد فقتله سنة 923هـ

د,,راغب السرجاني












عرض البوم صور ابوسلطان  
قديم 08-09-2009, 07:45 AM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابوسلطان المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي


عوامل قدوم العثمانيين إلى اليمن
وفي هذه الأثناء التي دخل فيها المماليك صنعاء كان العثمانيون قد هزموهم في بلاد الشام ومصر، وهو ما جعل المماليك في وضع غير ملائم؛ فانسحبوا من صنعاء نحو تعز، ولم يصل الإسكندر بن محمد قائد المماليك إلى تعز إلا بصعوبة كبيرة؛ بسبب قتال اليمنيين له، وهو منسحب بجيشه، وقد اضطرَّ المماليك في اليمن إلى الاعتراف بالسيادة العثمانية[1].
ويُعَدُّ من عوامل قدوم العثمانيين إلى اليمن إخفاق المماليك في مقاتلة البرتغاليين في سواحل الهند، وهزيمة أسطولهم في معركة (ديو) في المياه الهندية عام 915هـ؛ إذ قام العثمانيون يَدْرَءُون الخطر عن ديار الإسلام، ويُلَبُّون نداء مسلمي الهند، ولما رفض المماليك التعاون معهم احتلَّ العثمانيون أرض الدولة المملوكية، وورثوا عنها المهمَّة الملقاة على عاتقها وهي حرب البرتغاليين، ودخلوا اليمن بصفة أن أرضها قاعدة ارتكاز لمحاربة البرتغاليين، سواء أكان ذلك في البحر الأحمر، أم في الخليج العربي، أم في المياه الهندية[2].
وهكذا دخلت اليمن تحت السيادة العثمانية عَبْرَ تبعيَّتها السابقة للمماليك؛ فبعد انهزام المماليك في الشام ومصر أمام السلطان سليم الثالث، قدَّم حاكم اليمن المملوكي الجركسي (إسكندر) وفدًا إلى السلطان سليم ليُقَدِّم فروض الولاء والطاعة له، فوافق السلطان العثماني على إبقائه في منصبه، وكانت اليمن تُشَكِّل بُعْدًا استراتيجيًّا، وتُعتبر مِفتاح البحر الأحمر، وفي سلامتها سلامة للأماكن المقدَّسة في الحجاز، وكانت السيطرة العثمانية في بَدْءِ الأمر ضعيفة، بسبب الصراعات الداخلية بين القادة والمماليك، إلى جانب نفوذ الأئمة الزيدية بين قبائل الجبال، هذا فضلاً عن الخطر البرتغالي الذي كان يُهَدِّد السواحل اليمنية، وهذا دفع السلطان إلى إرسال قوَّة بحرية، إلا أنها فشلت بسبب النزاع الذي دبَّ بين قائدها حسين الرومي متصرف جدة والريس سلمان أحد قادة البحر العثمانيين[3].
ثم أرسل السلطان سليمان باشا أرناؤطي حملة سنة 945هـ/ 1538م بهدف احتلال اليمن وبخاصَّة عدن، ثم إغلاق مضيق باب المندب أمام السفن البرتغالية، ودخل العثمانيون عدن عام 946هـ / 1539م، وتعز عام 952هـ / 1545م، وسقطت صنعاء في قبضتهم عام 954هـ / 1547م، وتحرَّك سليمان باشا بأسطوله ليستولِيَ على بعض الموانئ العربية في حضرموت، ومنها الشحر، والمكلا، واجتاح ساحل الحبشة، وسواكن ومصوع على الجانب الغربي من البحر الأحمر سنة 964هـ - 1557م[4].












عرض البوم صور ابوسلطان  
قديم 08-09-2009, 07:52 AM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابوسلطان المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي

ثورة الزيدية ضد العثمانيين
وعلى الرَّغم من السيادة العثمانية في اليمن، والتنظيم الإداري العثماني فيه، وقوَّة الدولة العثمانية وشبابها وقتذاك، إلا أن نفوذ أئمة اليمن من الزيديين ظلَّ قويًّا وفاعلاً، وامتدَّ إلى مناطقَ كبيرةٍ من البلاد اليمنية، خاصَّة في المناطق الجبلية، وحَصَّن الأئمة الزيديون مدينة تعز التي احتلَّها الوالي العثماني الجديد على اليمن أُوَيس باشا، الذي وصل إلى اليمن عام 953هـ / 1546م، واستطاع هذا الوالي أن يُوَطِّد السيادة العثمانية على منطقةٍ أوسعَ، وخاصَّة في المناطق الجبلية التي لم يصل إليها العثمانيون، كما استطاع الوالي أن ينظِّم جندًا محليًّا من اليمنيين، يعملون جنبًا إلى جنب مع القوَّات العثمانية، لكن العسكر غدروا به وقتلوه، فتولَّى الأمر أزدمر باشا، وهو من العسكر العثمانيين في اليمن، وأزدمر باشا مملوكي من الشركس، انتظم في خدمة العثمانيين، وعُيِّنَ واليًا على اليمن، ومن أعماله في اليمن: محاربة الأئمة الزيديين، ودخول صنعاء، وجعلها مركزًا للولاية العثمانية ومكانًا لإقامة مَلِك اليمن، وقد ظلَّ أزدمر هذا في الباشوية حتى عام 964هـ / 1556م، فخلفه على باشوية (ملك) اليمن مصطفى باشا المعروف بالنشار، وهكذا توالى تعيين الولاة العثمانيين على اليمن بشكل منتظم.
ثار الأئمة الزيديون ضدَّ العثمانيين عام 954هـ / 1547م بقيادة الإمام مطهر بن شرف الدين الزيدي، وساعده عدد من العسكر العثمانيين الذين تمرَّدوا على السلطة العثمانية في اليمن بسبب ضَعْف رواتبهم، وتعمَّقت الثورة اليمنية بسبب الخلاف القائم بين الوالي العثماني في زَبِيدَ وتِهَامة والوالي العثماني في صنعاء والمناطق الجبلية، ونَمَتِ الثورة الزيدية وازدهرت بعد وفاة السلطان سليمان القانوني، فدخل الإمام مطهر الزيدي مدينة صنعاء عام 975هـ / 1567م، مما جعل السلطان سليم الثاني يُرْسِل سنان باشا والي مصر إلى اليمن على رأس حملة عسكرية لإعادة الأمن والنظام فيها، وكان ذلك عام 977هـ / 1569م، وتمكن سنان باشا من دخول صنعاء وإرساء قواعد الأمن والنظام العثماني في اليمن، وبِناء عليه عُدَّ هذا الإنجاز العثماني الجديد في اليمن الفتح العثماني الثاني لليمن؛ حيث إن الفتح الأول بدأ عام 946هـ / 1539م.
هذا وقد ظلَّ الأئمة الزيديون على حالهم، فتعاملوا مع الولاة العثمانيين أحيانًا بشكل حسن، وظلُّوا يحافظون على استقلالهم في مناطقهم، وفي أوقات كثيرة كانوا يثورون ضدَّ السلطة العثمانية؛ فثار الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد سنة 1008هـ = 1599م، وشملت ثورته مناطق يمنية واسعة، مما أدَّى بالدولة العثمانية إلى إرسال حملات عسكرية تمكنت في النهاية من إعادة توطيد الأمن، ثم قامت ثورة أخرى بقيادة الإمام المؤيد بالله محمد بن القاسم ضدَّ الوالي العثماني أحمد فضلي عام 1031هـ / 1621م، فاستولى على صنعاء وتعز وعدن، وأخرج العثمانيين من اليمن عام 1046هـ / 1636م، وتمكَّن من تأسيس دولة الإمامة الزيدية التي اتخذت صنعاء مقرًا لها، وتوفي الإمام المؤيد بالله عام 1052هـ = 1642م وخلفه أخوه أحمد الذي اضطر بعد عامين للتنازل عن الحكم لأخيه إسماعيل بعد خلاف بينهما.
و نتيجة للخلاف على الإمامة ضعف الأئمة الزيديون، واستقلت القبائل عن صنعاء، كما انفصلت مناطق، فاستقلت حضر موت، ولحج عام 1145هـ = 1732م، وقوي أمر الإمام المهدي عباس 1159هـ = 1746م ثم هبت رياح الفوضى في البلاد بعد موته، واستقلت تهامة الشمالية، واتخذت مدينة (أبو عريش) مقرًا لها، ثم استولى محمد بن عامر المتحمي على (أبو عريش) وعدد من موانئ اليمن حتى المخا، وقام مقامه أخوه عبد الوهاب، ثم طامي بن شعيب.
واستنجد الإمام المتوكل على الله بالسلطان العثماني محمود الثاني فأرسل الأتراك مددًا إلى عسير وتهامة، وتمكن محمد على باشا المكلف بحروب الدولة العثمانية من أسر طامي ابن شعيب ونقله إلى مصر ثم إلى استانبول حيث صلب هناك، وبذا استعاد الإمام عبد الله المهدي نفوذه، وبدأ يرسل جزية سنوية إلى السلطان العثماني.

احتلال عدن
وعادت القوة إلى عسير بعد محمد بن أحمد المتحمي وقيام سعيد بن مسلط بأمر العسيريين ومن بعده علي بن مجثل، وعائض بن مرعي، فتوالت الحملات على المنقطة وجاءت حملة عام 1215هـ = 1835م بقيادة إبراهيم يكن، وتمكنت من القضاء على الثورة التي اندلعت في تعز ضد الإمام علي بن عبد الله المهدي وذلك عام 1253هـ = 1837م، كما استطاعت بعض فرق الحملة العثمانية من دخول عدن.
واحتل الإنكليز عدن عام 1255هـ = 1839م وعسير بعد هزيمة محمد علي في بلاد الشام، وعقد معاهدة لندن عام 1256هـ = 1840م التي حدَّدت نفوذ وحكم محمد علي في ولاية مصر فقط.
وضعف أمر الأئمة في هذه المدة إذ بدأ الخلاف بينهم، واستنجد الإمام محمد بن يحيى بالأمير عائض بن مرعي لنصرته فأرسل إليه قوة سارت عن طريق صحار، والأخرى عن طريق صعدة وكانت الثانية بإمرة الشريف حسين بن علي بن حيدر شريف (أبو عريش)، والأولى بإمرة يحيى بن مرعي أخي عائض بن مرعي، وتمكنت القوتان من دعم محمد ابن يحيى وتثبيته في صنعاء وعد واليًا للأمير عائض بن مرعي، ولكن ما إن عادت القوة العسيرية حتى تنكر الإمام محمد بن يحيى للعسيريين فكلف عائض بن مرعي عامله على أبي عريش حسين بن علي حيدر بتأديب إمام صنعاء، إلا أن الحيدري قد هزم ووقع أسيرًا بيد اليمنيين، وأراد عائض مرعي أن يسير إلى صنعاء لإنقاذ واليه إلا أن العثمانيين كانوا قد وصلوا إلى اليمن.
ضعف الوجود العثماني باليمن
وتضايق العثمانيون من انتصار عائض بن مرعي في اليمن، وخافوا مغبة الأمر، وفي الوقت نفسه استنجد الإمام علي بن المهدي بالسلطان عبد المجيد ضد محمد بن يحيى وعائض بن مرعي، فأمر السلطان نائبه في جدة توفيق باشا بالتوجيه إلى اليمن ومعه مكة الشريف محمد بن عون، وسارت القوة من جدة ووصلت إلى الحديدة في 22 جمادى الآخرة عام 1265هـ = 1849م وتابعت زحفها إلى صنعاء دون أن تلقى أية مقاومة، وما إن علم الإمام المتوكل محمد بن يحيى بهذا الأمر حتى أطلق سراح الشريف الحيدري، وأسرع للقاء توفيق باشا فاستقبله، واتفق معه، وصحبه إلى صنعاء وأنزله في قصر غمدان... وأنكر أهل صنعاء على الإمام فعلته وثاروا عليه في الحال وأرغموا الأتراك إلى العودة إلى الساحل، وألقوا القبض على محمد ابن يحيى، ونصبوا على بن المهدي إمامًا.
وحدثت خلافات بين علي بن المهدي بصنعاء، ثم الذي قام مكانه، وهو مؤيد العباس ابن عبد الرحمن، وبين المنصور أحمد بن هاشم بصعدة، وكادت رياح الفتن تعصف باليمن كلها.
وكان العثمانيون قد قضوا على إمارة آل عائض في أبها وقتلوا محمد بن عائض، وحملوا جماعة من كبار القادة والعلماء إلى استانبول، وتولى أمر عسير أحمد مختار باشا بعد مقتل رديف باشا، استغل أحمد مختار الفوضى في اليمن فسار بقوة على طريق الساحل، ودخل صنعاء وأنهى هذه الخلافات، ولكنه لم يستطع أن يبسط نفوذه على شمال اليمن إذ بقي تحت سلطة المتوكل المحسن بن أحمد حتى توفي عام 1295هـ = 1877م فخلفه الهادي شرف الدين بن محمد.
وتولى حكم اليمن عام 1290هـ = 1872م بعد أحمد مختار باشا مصطفى فاشتد على السكان الأمر الذي أدى إلى قيام ثورة قادها محمد بن يحيى حميد الدين، الذي كان قد سجنه مصطفى باشا مع عدد من سادات البلاد في الحديدة، وفر من السجن وحمل لواء الثورة، وتلقب بالمنصور.
وفي الشمال توفي عام 1307هـ = 1889م الهادي شرف الدين بن محمد فقرر السكان مبايعة محمد بن يحيى حميد الدين الذي استطاع أن يؤلف جيشًا، ويحارب الولاة العثمانيين، وأن ينتصر عليهم، وأن يحاصر صنعاء، واضطر العثمانيون إلى إعادة أحمد فيضي باشا إلى ولاية اليمن، فجاء بقوة كبيرة تمكنت من فك الحصار عن صنعاء ودخولها، وغادرها المنصور أحمد بن هاشم حيث اعتصم في (حاشد)، وحاول أحمد فيضي باشا القضاء عليه عدة مرات ولكنه فشل واستمر الإمام في الشمال حتى مات عام 1322هـ = 1904م، وخلفه ابنه يحيى الذي اتخذ لقب المتوكل، واتخذ بلدة (قفلة عذر) قاعدة له، وعاصمة مؤقتة.
أرسل العثمانيون قوة لحرب الإمام يحيى ولكنها هزمت، وشجعت هذه الهزيمة سكان اليمن فقاموا بحركتهم التي دفعت القوات العثمانية نحو صنعاء فحاصروها، واضطرت إلى الاستسلام وفر القائد التركي إلى زبيد. فأرسلت الحكومة العثمانية أحمد فيضي باشا مرة ثالثة على رأس قوة كبيرة نزلت بالحديدة، واتجهت إلى صنعاء فدخلتها، وانتقل الإمام يحيى إلى (شهارة)، فلحقه أحمد فيضي باشا ولكنه هزم على أبواب شهارة هزيمة نكراء، وعندما وصل الخبر إلى الحكومة التركية أرسلت المشير عزت باشا الألباني مندوبًا للمفوضية، فاتصل بالإمام يحيى وعقد معه اتفاقية (دعَّان). ولم تمض سوى ثلاث سنوات حتى قامت الحرب العالمية الأولى وخرج الأتراك من اليمن.

وفي أثناء الحرب العالمية الأولى ضرب الإنكليز ميناء الحديدة واحتلوها عام 1336هـ = 1918م بمساعدة الإدريسي في تهامة الذي كان يعمل بجانب الحلفاء، وعندما انتهت الحرب انسحبت القوات العثمانية من اليمن بعد هزيمتها أمام الحلفاء، وخرجت جنودها في اليمن عن طريق عدن.
وبقيت تهامة اليمن والحديدة تحت سيطرة الأدراسة حيث منحتهم إنكلترا هذا المناطق، واختلف الأدارسة بعد وفاة الإدريسي بين مؤيد لابنه على بن محمد ولأخيه حسن بن علي، واستغل اليمنيون هذا الخلاف وزحفوا على تهامة واحتلوها وفر حسن بن علي الإدريسي إلى نجد وذلك عام 1343هـ = 1925م ووقع مع الملك عبد العزيز معاهدة مكة التي تتضمن دخول الإمارة الإدريسية ضمن الدولة السعودية.
عاد حسن بن على الإدريسي فتمرد ولكنه هزم وألغيت إمارة صبيا وأبو عريش، وقامت مفاوضات بين اليمن والدولة السعودية لتحديد الحدود، غير أن نائب الإمام في صعدة قد أرسل بعد رجاله فدخلوا نجران فتعكر جو المفاوضات، فأرسل الملك عبد العزيز ابنه فيصلاً على رأس قوة احتلت حرض، وميدي، والحديدة، وأرسل الإمام يحيى برقية إلى المجلس الإسلامي الأعلى الذي كان منعقدًا في فلسطين لإرسال وفد لرأب الصدع، فبعث المجلس وفدًا مؤلفًا من: الحاج أمين الحسيني، وهاشم الأتاسي، ومحمد على علوية، وشكيب أرسلان وعبد الرحمن عزام فانتهى الخلاف، وانسحبت القوات للطرفين إلى ما كانت عليه، وعقدت معاهدة الطائف عام 1353هـ (1934م)، ورأس وفد السعودية خالد بن عبد العزيز، ووفد اليمن عبد الله بن أحمد الوزير.
وقد شاركت اليمن مع وفود الدول العربية الأخرى بحث قضية فلسطين في القاهرة عام 1358هـ = 1939م، وفي بلودان في سوريا عام 1365هـ = 1946م، وكانت من بين الدول التي ساهمت في إنشاء جامعة الدول العربية، وانضمت إليها عام 1365هـ = 1946م، ثم انضمت إلى الأمم المتحدة عام 1367هـ = 1948م.













 
عرض البوم صور ابوسلطان  
قديم 08-09-2009, 08:08 AM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو ذهبي
الرتبة:

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 477
الدولة: @الرياض @
المشاركات: 1,000
بمعدل : 0.18 يوميا
معدل التقييم:
نقاط التقييم: 10

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ابوسلطان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابوسلطان المنتدى : المنتدى الــعـام
افتراضي

نبذة عن الدكتور راغب السرجاني كاتب هاذة المواضيع في كتاب تاريخ الجزير العربية


وُلِدَ الدكتور/ راغب السرجاني عام 1964م بمحافظة الغربية بمصر، وتخرَّج في كليه الطب جامعة القاهرة بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 1988م، ثم نال درجة الماجستير عام 1992م من جامعة القاهرة بتقدير امتياز، ثم الدكتوراه بإشراف مشترك بين مصر وأمريكا عام 1998م (في جراحة المسالك البولية والكلى). ويعمل الآن أستاذًا مساعدًا في كلية الطب جامعة القاهرة.

أتمَّ حفظ القرآن الكريم سنة 1991م.

ينطلق مشروعه الفكري "معًا نبني خير أمة" من دراسة التاريخ الإسلامي دراسة دقيقة مستوعبة، تحقق للأمة عدة أهداف، منها:

1- استنباط عوامل النهضة والاستفادة منها في إعادة بناء الأمة.

2- بعث الأمل في نفوس المسلمين، وحثهم على العلم النافع والعمل البناء؛ لتحقيق الهدف.

3- تنقية التاريخ الإسلامي وإبراز الوجه الحضاري فيه.

وعلى مدار أكثر من عشرين عامًا كانت ولا تزال له إسهامات علمية ودعوية؛ ما بين محاضراتٍ وكتبٍ ومقالاتٍ وتحليلاتٍ؛ عبر رحلاته الدعوية إلى أكثر من 30 دولة في شتى أنحاء العالم، كما يقدم أيضًا عدة برامج على الفضائيات المختلفة، وقد حصل الدكتور راغب السرجاني على المركز الأول في جائزة البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة لعام 2007.

صدر للدكتور راغب السرجاني الكثير من الكتب والأبحاث في التاريخ والفكر الإسلامي












عرض البوم صور ابوسلطان  
موضوع مغلق

مواقع النشر


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

قوانين وشروط المنتدى
الانتقال السريع إلى


جميع الأوقات بتوقيت GMT +4. الساعة الآن 01:37 PM.


المواضيع المطروحة تعبر عن رأي كاتبها ولاتعبر بالضرورة عن رأي إدارة منتديات المصعبين
Powered by vBulletin Version 3.7.4
Copyright ©2000 - 2009, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة @ موقع المصعبين