في صفعة جديدة لادارة اوباما رفضت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية اقتراحات وزير الخارجية الاميركية جون كيري لهدنة انسانية لمدة سبعة ايام تتخللها مفاوضات للوصول الى حل دائم لأزمة غزة من ضمنها فتح المعابر وانهاء الحصار واعتماد 12 ميلا بحريا للصيادين وانهاء المعاناة الانسانية واعادة الاعمار وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع المدمر.
كيري، الذي تعرض لاكثر من اهانة من نتنياهو خلال العام الفائت ومطلع هذا العام اثناء محاولته التوصل الى اطار لحل نهائي بين السلطة واسرائيل، بات يدرك الآن ان الضغط الاميركي الخجول على اسرائيل لا يكفي لانهاء عدوانها وان عليه التوجه للاوروبيين في اجتماع باريس للحصول على دعم دولي واقليمي لمبادرته المستندة الى المبادرة المصرية. المؤشرات تقول أن حماس مستعدة للقبول باقتراحات كيري لانها تلبي معظم مطالب أهل غزة وفصائل المقاومة. اسرائيل بدورها تريد الاستمرار في تدمير الانفاق، ومن خلال ذلك خلق منطقة عازلة واسعة شهدنا بوادرها بتدمير ممنهج لحي الشجاعية بالامس، بالاضافة الى نزع سلاح المقاومة، وهو أمر لا يمكن لحماس قبوله.
الحقيقة التي بدأت تتأكد الآن ان حماس لم تكن مسؤولة عن خطف وقتل الفتية الاسرائيليين الثلاثة، بحسب مصادر الشرطة الاسرائيلية، وبذلك فان العدوان على غزة كان مبيتا استهلته اسرائيل بمحاصرة الضفة الغربية واعادة اعتقال محرري صفقة شاليط وقياديين في حماس قبل ان تستهدف مقاومين في غزة بعد ذلك بأيام.
المجتمع الدولي بات لا يحتمل مشاهد القتل والتدمير في غزة، لا سيما قتل الاطفال والنساء وقصف المستشفيات والمدارس وسط أزمة انسانية كارثية. اما نتنياهو فقد تورط في حرب كلفت اسرائيل الكثير ايضا، على الأقل من ناحية شل الاقتصاد الاسرائيلي وانهاك الماكينة العسكرية الاسرائيلية التي تتحفظ على خسائرها. وهو وان اراد التوقف الآن فانه يخاطر بانهيار ائتلاف حكومته بعد اصرار اليمين المتطرف المتمثل في ليبرمان وبينيت وغيرهما على اكمال المهمة وسحق المقاومة مهما بلغ الثمن.
صمود الغزيين الاسطوري ودخول الضفة الغربية على خط المواجهات عقد امور اسرائيل. القبول بمبادرة كيري يعني ضمنيا فشل الحكومة في تحقيق اهدافها من جهة والقبول بحل دائم في غزة ينهي حصار سبع سنوات ويفتح المعابر ويسمح بميناء بحري ويعيد فتح المطار ويحرر القطاع من سيطرة اسرائيل.
ثمن كل ذلك ليس سهلا على الفلسطينيين الذين فقدوا نحو 900 شهيد واكثر من ستة آلاف جريح اضافة الى تدمير احياء سكنية بكاملها نجم عنها تشريد نحو مائة وستين الف غزيي. هناك من يلوم حماس والفصائل على التضحية بدم الشعب الفلسطيني لكن السؤال هل كان بالامكان انهاء الحصار الخانق بطرق اخرى؟ وبعد عقود من المفاوضات العبثية هل لا زال من الممكن اقناع اسرائيل بانهاء احتلالها للضفة الغربية؟
في ظل غياب الحلول السياسية وتغير المزاج الدولي وانكشاف العجز العربي تظل المقاومة الخيار الشرعي الوحيد المتبقي للشعب الفلسطيني الذي تخلى عنه العالم. ثمن التحرر باهظ جدا دفعته شعوب اخرى في الجزائر وفيتنام والبوسنة. والشعب الفلسطيني عانى من المجازر والترحيل والاستبداد والتنكيل عبر العقود الماضية ولم يستسلم.
في ظل التعنت الاسرائيلي وتوسيع العدوان غزة تحتاج الى الضفة الغربية والى انتفاضة جديدة تخفف الضغط عن القطاع وتشتت انتباه الحكومة اليمينية وتزيد من الضغط الدولي، والمحلي، على اسرائيل. يجب ان ترتفع كلفة العدوان والاحتلال وأن يعيد الفلسطينيون خلط الاوراق بعد ان فرض نتنياهو حربا جديدة على الفلسطينيين. انتفاضة ثالثة ستحول احتلال اسرائيل الى جحيم وستفرض واقعا جديدا وستزيد من خسارة الكيان الصهيوني للرأي العام العالمي.
بقي ان نقول ان على السلطة الانضمام الى معاهدة روما وتوثيق جرائم اسرائيل ودعوة مجلس حقوق الانسان لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، فما اقترفه العدوان على غزة امام نظر وسمع العالم يشكل جرائم ضد الانسانية مهما كانت مبررات نتنياهو والعصابة الحاكمة في تل ابيب.
المصدر:http://www.maqar.com/?id=61844&&head...-الضفة-الغربية!