أمنحونا ولو مسجدا واحدا نصلي فيه بحياد ..
أمام هذا التحاصص والتناطح الحزبي والديني : أين يذهب المستقلون ؟!
المؤتمريون لهم " صالح " ، والإخوان لهم " علي محسن " والإشتراكيون لهم " ياسين " والناصريون لهم "مطعم العزعزي للعصيد " والسلفيون لهم السعودية ، والحوثيون لهم ايران ، والقبائل لهم الشائف والأحمر ، والمبندقين الناسفين لهم الزنداني ، والحراكيين لهم 20 راس ، والمستقلين لهم أم الجن تشلهم وتصبنهم صابون ؟! قولوا آمين . المستقل في اليمن حجر " نصع " وكل من حب الله والنبي عمل بهم " أخفَع " . حتى فخامة الرئيس " هادي " الذي هو اساسا رئيس المواطنين ، ويفترض به اساسا ان يكون رئيسا لكل اليمنيين ، واضح جدا انه مثل الحكومة ومتحاورين موفمبيك ، جميعهم ناسيين - تماما - شريحتي " اليهود " و"المستقلين " وأجدر بهؤلاء جميعا ان يتبرعوا بهاتين الشريحتين " الـ بدون " للصومال الشقيق مثلا ، يمكن ان تستفيد منهم بدل ماهم جالسين مُقعيين ولكأنهم عابري سبيل فحسب . حتى المبادرة الخليجية ، هي بالنسبة الى " المستقلين " زي البحر بالنسبة الى النساء اليمنيات. يسمعن عنه .. ويشاهدنه في التلفاز ، ويذهبن اليه في الإجازات ، لكن " ماسطى" واحدة تغطس فيه ؟ حرام ماتخرج من داخله الا الى ثلاجة الموتى . وهذا – تحديدا – هو حال كل مواطن يمني يشعر -او يقول او يمارس حياته ونشاطه كإنسان مستقل ، لاينتمي لأي حزب ولا لأي جماعة ، بل ينتمي لليمن فقط .. ولكن اين هي هذي اليمن ؟ الجماعة كلهم لفلفوها وماعد تركوا لنا الا اخبارها السيئة فقط . *** المؤطرون – بما فيهم اولئك المجرمين منهم - تقاسموا المناصب والوظائف والوزارات والشعارات والشوارع والمقابر والشهداء .. واخيرا سيتقاسمون – عبر القائمة النسبية - المجالس النيابية والمحليات ..ومش بعيد بكره بعده يتقدم الواحد بطلب الزواج وبدلا من ان يسأله اهل العروسة : معك مؤهل ؟ بيسألوه : معك حزب ، معك شهداء ؟ ولا اعرف ماهو موقفهم وهو بقولهم ؟ انا مستقل . وكأنه يقولهم انا يتيم ...! حتى قنوات التلفزة اليمنية – بالمناسبة - حينما تسمع المذيع فيها او المذيعة ينطقون عبارة : الإعزاء المشاهدين ، فهم يتحدثون الى المستقلين طبعا باعتبارهم جمهور الفرجة الوفير ، ومش قالوا المتفرج لبيب . تقاسموا البلاد والعباد والوزارات والقنصليات والمساجد ايضا ، فاين يذهب المستقلون إذن ؟ أين يصلون خصوصا واننا – حتى اللحظة- لم نجد ولو حتى رجل اعمال واحد أو جمعية خيرية واحدة تتعاطف مع المستقلين وتبني لهم – على الاقل- حتى مسجدا واحدا ليقيمون فيه صلاتهم لله وحده ، مش لفلان وعلان ، تماما كما هو حاصل الان في هذا البلد الخُرج . *** من قبل كان اليمني اللي ماعندوش شهادة ، يظل – غالبا- في موضع إحراج . وعادة ماكان المسؤول الأمي مادة جيدة للسخرية وللضحك . الان اختلف الأمر تماما ، خصوصا من بعد ثورة " كم حصتي" إذ لم يعد من الضروري ابدا ان يكون عندك شهاده او مؤهل حلو أو لغه .. ولاضروي – ايضا- حتى يكون عندك بطاقة شخصية مكتوب في خانتة الجنسية "يمني " ، فهذه كلها غدت اشياء عادية جدا ، واصبح الإنسان "الهش" هو اللي ماعندوش حزب ، أو جماعة "تركي" له . أنت مستقل ؟ يعني انت وحدك .. بلاظهر وبلا ضمار ولن تجد من يسأل عنك . أما وقد اصبحت منتميا - الان - لجماعة ما .. سياسية او دينية ، فهناك – دائما- من يتحدث بلسانك ،ويستقوي بك ، ويدافع عنك ، مش باعتبارك مواطن .. بل باعتبارك ذخيرة حيه .. ان لم يستخدموا صوتك ،سيستخدمون جثتك .. وان لم يفعلوا الثنتين ، سيستخدمون يدك .. والبنادق ملان ياضاك . أنت"مستقل" فعناه أنت واحد " أخبل " وجهدك وعرقك يشبه – تماما - جهد وتعب واحد يجري فوق جهاز مشي . او بالبلدي الفصيح " ساع اللي يشُخ بين نيس " . الإنتماء لليمن كبلد وكدولة ، حرام ماعد يمشيك شبرين . المستقلون المتشيعون لليمن ، مساكين ، زيهم زي اللي يشجع منتخب كمبوديا . ومش بعيد يصبحوا مع الوقت مجالا للتندر وللسخرية ،ويمكن ان تسمع سيارة المرور – لاحقا – وهي تصيح في الشارع :إطلع ياهيلوكس ..جنب يامستقل ؟!
في بلد ارخص نفسه وإنسانه ،من الطبيعي ان يحدث كل هذا وأكثر . فهذه لم تعد بلاد ، بل مجموعة وكالات تتضارب فيما بينها على حصتها من " الكُدمة " مدري من الكعكة . حمران العيون - احزابا وجماعات ونهابة وقاطعي طريق - تقاسموا كل شيء ، مش كيمنيين لديهم بلاد خربانة وينبغي اصلاحها ، بل كجماعات لها مصالح خاصة ينبغي تطويرها وتعزيز نشاطها وإذكاء حضورها اكثر وأكثر ، وعلى حساب أي شي بما فيه .. اليمن . الإنتماء للجماعات اصبح مغريا للكثيرين ، وفيه فسحة وفيرة للحصول على الوظيفة او على الاقل للحصول على دراجة نارية تطلق رصاصة وتهرب ، في حين ان الإنتماء الى اليمن - كبلد - لم يعد يؤكل عيش ...! المستقلون في اليمن مساكين لاظهر لديهم ولا بلاد . ويشبهون – تماما- حمام الجبل التي لا راع لها ولا صاحب ، مايجعل منهم وجبة سهلة الأصطياد وكل المؤطرين يتسابقون لاصطيادهم . وما اسهل صيد المستقلين في بلد تركت مواطنيها للمبندقين وللفرغ . في حارتنا التقيت بواحد من الاباء الغلابا ، ووجدته مطننا وحالته حاله . سألته : مالك ياعم عبدالله ، خير ؟ - رد سريعا : عيال الحارة كلهم اخترجوا الا ابني .. لادرس ، ولا قدرنا نوظفه .. كم شيكون جهدي - ابنك من افضل الشباب والله .. شجعه يمارس الرياضة اكثر - رياضة موه انت الثاني .. اقلك اشتيه يخترج ويقع رجال .. ابصر عيال الحارة كلهم اخترجوا وكل واحد ابصر له طريق .. واحد فتح الله عليه وراح مع الحوثي وواحد لحق له بالسلفيين ، والمؤتمر مامنوش ، ومكن الناس كذب في كذب .. وابني مفلتهن كلهن وجالس يلعب" طبه".. هيا موشتعمل له الطبه هذه ؟! عندما تغيب الدولة عموما ، يحدث مثل هذا السأم وأكثر . ذلك لأن طاقات الناس تتحرك عبثا وبلا حامل كبير .. بلا مشروع وطني كبير يسخر تلك الطاقات لبناء بلد متماسك وقوي ، مش لبناء كيانات قوية من شأنها مع الوقت ان تنخر ابو هذه البلاد تماما كما هو حاصل الان . الحزبية مش عيب .. ولاهي خطأ . طريقة ممارستنا للحزبية هي الخطأ . كما وأن الإنتماء للجماعات الدينية هو الاخر مش عيب ، ولا هو خطأ .. الخصومة والتعبئة الخاطئة هي الفعل الكارثي . وحينما يصبح الله سبحانه وتعالى محل خصومة واقتتال ، وحينما يصبح الوطن محل تنازع ومكائد واقتتال ، يتحول البشر تلقائيا الى وحوش ضارية ، كل واحد ينهش الاخر ليعيش
بقلم فكري قاسم