دماج برس
من المسؤول عن غياب الدولة؟
د. حسن منصور
دماج برس - كتابات
في اليمن فقط.. يأتي الأجانب بطائرات بدون طيار لقتل الأبرياء والمشتبه فيهم من اليمنيين، ثم يأتي آخرون من وراء الحدود أيضا ليقتلوا اليمنيين بحثا عن قواعد التحكم في الطائرات بدون طيار.. وكلمة السر في الحالتين هي "غياب الدولة".
غياب الدولة كان هو السبب الأهم في خروج الشباب إلى الساحات والميادين في ثورة 11 فبراير. وغياب الدولة وتغييبها كان هو الملمح الأبرز للعقود التي حكم فيها علي عبدالله صالح.
لا يمكن بحال من الأحوال أن تتحسن أحوال اليمنيين إلا بحضور الدولة ولو في حده الأدنى، وكان الأمل في تحقيق ذلك في الفترة الانتقالية التي أعقبت توقيع المبادرة الخليجية ، إلا أن الأداء غير الاستثنائي لحكومة الوفاق أحبط كل تلك الآمال وجعلها مجرد سراب.
الظرف الاستثنائي يحتاج أداء استثنائيا، وما دون ذلك فهو توصيف قريب من الفشل، وهذا ما يحدث في اليمن.
في الضفة المسؤولة عن إجهاض محاولات حلم بناء الدولة، يروج المهووسون بالزعيم أنه لا يتحمل أي مسؤولية عن التداعيات الخطيرة للأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية في البلد بعد أن سلّم "العلم" – بفتح العين واللام - للرئيس هادي!
المبادرة الخليجية تنص على نقل السلطة لا تسليم العَلَم، ومشايعو صالح هم أكثر الأطراف تضررا من طرح السؤال الذي يلخص الحكاية اليمنية، وهو: من المسؤول الأول عن غياب الدولة في الماضي؟ ومن المسؤول اليوم عن عرقلة محاولات بناء دولة في اليمن؟
هذا هو جذر القضية اليمنية ، والبقية مجرد تفاصيل.
من تلك التفاصيل على سبيل المثال ما حدث في مجمع وزارة الدفاع الخميس الماضي، وما حدث قبل ذلك من جرائم اغتيال أو تخريب منشآت النفط والكهرباء والصرف الصحي، وما سيحدث مستقبلا - لا سمح الله- إن استمر غياب الدولة بالشكل المروّع الذي لمسه اليمنيون في الأشهر الماضية.
ابحثوا عن المستفيد في كل ما يحدث، والفائدة قد تجمع النقيضين في تنفيذ الجريمة.
ليس فيما سبق أي شكل من أشكال التخفيف من إدانة إجرام تنظيم القاعدة، أو أي شكل من أشكال التخفيف من إدانة تقصير المؤسسات العسكرية والأمنية.
المؤسسة الرسمية في اليمن بحاجة ماسة للدعم المجتمعي شعبيا ونخبويا لتجاوز هذه اللحظة الفارقة، ويبدو أن الأحداث الأخيرة تسهم إلى حد كبير في حصولها على ذلك الدعم، شريطة وفائها بحق الرأي العام عليها في إطلاعه على حقيقة ما يحدث.