06-05-2009, 02:56 AM | المشاركة رقم: 1 | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
المنتدى :
منتدي الخواطر و القصص
ضد التيار
مما راق لي وحبيت تشاركوني برق يخطف أبصارنا ، رعد يصم آذاننا ، أمواج عاتية تصفعني كلما حاولنا التقاط أنفاسنا ، سيول من الأمطار تهطل علينا ، نحاول النجاة وسط الأمواج العالية التي تبتلعنا الواحد تلو الآخر، فجأة ، دق رأسي ألم رهيب ، صرخة مكتومة انطلقت غصبا عني : ـ آآآآآآآآآآآه . ( خطفتني دوامة لأسفل ، تلاشت الصورة بعيني ، أخذت أدور و أدور ، أحاول جاهدا التخلص من براثنها للنجاة بنفسي من النزول للأعماق ، انتفضت انتفاضة الخلاص ، أخيرا نجحت ، ركلت المياه الثقيلة بكل قوة ، عدت ثانية باتجاه السطح ، شهيق عميق أعادني للحياة ثانية ، تحسست الألم بأطراف أصابعي ، اصطبغت المياه من حولي باللون الأحمر ، أعتقد أنه نتيجة ارتطام مقدمة أحد الألواح اللعينة ، هذه الألواح التي اعتلاها راكبي الأمواج ، و من غيرهم ، أخذتني الغفلة ، أخذت أنظر إليهم للحظات ، رأيت البعض منهم يمتطي ألواحا مزركشة بالألوان الزاهية ، شدت بحبال حريرية ملونة إلى بعض اليخوت الذهبية الفارهة ، لمحت البعض الآخر منهم و قد اعتلى الأمواج تسلقا ، و ما هي إلا لحظات حتى رأيتهم يمتطونها ببراعة ، يتمايلون طربا على وقع هديرها ، لا حول و لا قوة إلا بالله ، من هؤلاء الذين يدوسون كل من يعترض طريقهم ؟ هؤلاء الذين امتطوا ألواحا من ذوات الشراع الشفاف ، تتيح لهم رؤية توسلات طلب الرحمة تقفز من أعين ضحاياهم ، أعوذ بالله ، أعوذ بالله ، غيرت بصري للناحية الأخرى ، فإذا بالكثير الذين استلقوا على ظهورهم في استرخاء ، هؤلاء الذين انتشروا هنا و هناك ، يطفون فوق سطح الماء لا يحركون ساكنا ، تاركي أنفسهم للأمواج تتلاعب بهم كيف تشاء ، ترفعهم تارة لأعلى عليين أو تسحبهم لأسفل سافلين ، سيان أن تدفعهم يمينا أو تلقيهم ذات اليسار ، لا فارق بينهم و بين هذه الأوراق التي تتلاعب بها الأمواج ، أوراق ؟ الأوراق ، أين الأوراق ؟ لا ، غير معقول ، لن يكون مصيرها الضياع ثانية أبدا ، أحاول العودة عكس التيار ، أحاول جاهدا لعلي أفلح ، و لو ذراع واحدة ؟ شدة التيار تعيقني ، هيا ، هيا ، هيا ، تستطيع أن تفعلها ، نعم أستطيع العودة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ، لابد من انتشالها ، نعم ، لن أتركها لدوامات النسيان تبتلعها ، قال أحدهم محاولا إثنائي : ـ ما هي إلا أوراق بالية أيها الأبله .... صاح آخر : ـ خدعوك فقالوا ..... صرخت امرأة : ـ أيها الأبله أنت كمن يلهث وراء سراب .... ( و لكن لا حياة لمن تنادي ، لا ، غير معقول ، لن أترك ما ورثته مهما كانت العواقب ، سحبت شهيقا عميقا ، غمرت رأسي تحت الماء ، تلاشت الأصوات من حولي ، إلا من صوت أبي ، ظللت أسبح و أسبح ، أضرب الأمواج بذراعي بكل ما أوتيت من قوة ، أركل المياه بقدمي أكثر فأكثر ، لن أعود و لو كانت حياتي هي الثمن )
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||
مواقع النشر |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|