هل كان الشاعر العربي يتوقع أن عصرأ بالغ الصعوبة سيصل بالعرب يوما الى مرحلة الشتات والتناثر عندما قال :
نعيب زماننا والعيب فينا ** وما لزماننا عيب سوانا
هل كان هذا الشاعر الحكيم يقرأ ظاهرة التعسكر العربي التي ابتزت مشاعر العرب وبددت أحلامهم وأحالت أيامهم الى هزائم وانكسارات ؟
هل كان يفكر بالحاسة السادسة أم كان يشخص حالة مرضية أو يتنبا بمقاطع من تاريخ العرب ؟؟
أسئلة كثيرة يجيب عليها الواقع المرير , من المؤكد أن الشاعر عندما قال نعيب زماننا والعيب فينا كان يمارس حقة في نقد الذات محاولا تذكير
أهل زمانة بمظاهر الاحباط في تاريخ العرب أو يحاول أن يصور أمه يغتالها الخوف يعتصرها الألم تتداعى عليها الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها
سأل أحد الصحابة رسول الله صلى الله علية وسلم قائلا له ( أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله ) قال لا (ولكنكم غثاء كغثاء السيل )أوما في معنى الحديث
ولو أجلنا الطرف في تضاريس الوطن العربي فسنرى أمة أو عالما عربيا يتأكل من داخلة ويتداعى في مصيرة يختلف في الوفاق ويتفق على الخلاف
تجولوا في انحاء العالم العربي لتروا أنظمة عربية استطاعت في سنوات أن تعصف بالوفاق العربي وأن تهدم أو تهدد الوطن العربي وأن تشطب الحوار العربي
بل لقد تمكنت أنظمة عربية مع كل أسف أن تغتال الطموح في نفوس مواطنيها وأن تصادر أحلامهم وأن تلغي قناعاتهم وأن تتفرغ لتصنيف العالم العربي الى ثوري
بلا ثورة والى رجعي بلا عودة بل وتخصصت أنظمة عربية بأيقاف شرايين التنمية لتصرف البلايين على تكديس الأسلحة وبناء الترسانات المحرمة واقامة السجون
والمعتقلات وتهميش الحوار بين المواطن وبين قيادتة ظهرت في العالم العربي أنظمة تفاخر بامتلاك مصانع ومؤسسات لأنتاج الأسلحة الكيميائية وكما زحف الى
الواجهات الأعلامية من يفاخر بتأجيل أطر التنمية وايقاف برامج الاصلاح وتطوير التعليم فأوقفوا كل شيء أهملوا الأصلاح وأضاعوا الطفولة والأمومة وبرزت في
العالم العربي من أبنائة زعامات أقامت من نفسها حراسا على بوابات شعوبها لا يتنفس الناس الا بأمرهم لا يأكلون الا بموافقتهم ولا يشربون الا مايسمح لهم
فتعطلت في الأمة قدرة الكفاح وماتت في المواطن حاسة الرغبة في الأنتاج والتفوق فضاقت بهم الأرض بما رحبت هرب منهم من هرب وبقي منهم من خاف واستسلم
ظهر في العالم العربي زعماء يريدون تغيير تضاريس الكرة الأرضية تفرغوا لمساعدة الثوار في كل مكان وفي أمريكا اللاتينية وايرلندا وغيرهما فصرفوا الملايين
أقاموا مراكز لتدريب الأرهابيين جمعوا قطاع الطرق وشذاذ القارات في العالم في عواصم بلدانهم وظهر في العالم العربي من ينطبق عليهم المثل العربي الشعبي
( باب النجار ..... ) ظهر في العالم من يبحث عن الوحدة حتى ولو مع "أرجواي " أو جزر " الهاواي" في الوقت الذي كانت ومازالت شعوبهم تعاني لوعة
الاغتراب حتى وهي على أرضها ونعيب زماننا والعيب فينا ومن أجل هذا العيب الواضح تعمقت الأزمات وبرزت الحاجة عند شعوب عربية الى الحوار مع نفسها
ظهرت في العالم العربي الرغبة في السلام مع الهموم بدلأ من البحث عن السلام العالمي وشعوب عربية أخرى كانت تبحث عن التوحد مع ذاتها بدلأ من البحث عن
الوحدة العربية , برزت في العالم العربي ظاهرة البحث في حوار الذات مع الذات للحديث عن الهموم وتحقيق هوية الانتماء من أجل أن تصون وجودها التي هزمتها
المعتقلات ومزقتها الزنازين بعد أن أصبح العيب هواية .. نعيب زماننا والعيب فينا وكما تتلاحق الطيوف وتزدحم المشاعر كان العالم العربي مزدحما بالمتنطعين و
الدعاة والهواة , حيث امتلأت الساحة بظاهرة الابتزاز طريقا أمثل للحصول على المال وما زال الزمن العربي يواجه أهله .
نعيب زماننا والعيب فينا ** وما لزماننا عيب سوانا