أخطر ما في استمرار الحصار الصهيوني لقطاع غزة هو أن الناس اعتادته، بل وألفته. وعندما يصل المرء إلى حد الألفة مع أمر ما حتى ولو كان بشعا، فإنه يفقد الإحساس بالتدريج، وبالتالي فإنه يفقد الرغبة والدافع لاتخاذ ردة فعل حتى ولو كانت تقتصر على الشعور بالغضب!
لقد ألفنا كعرب الحصار الصهيوني لغزة وكأنه أصبح جزءا من حياتنا اليومية. حتى محاولات اختراق الحصار من قبل بعض الناشطين الأوروبيين الذين قدموا على متن سفينتين، لم تحرك فينا ساكنا. والسبب أننا أصبنا مع الأيام بالتبلد وفقدنا الإحساس، ولم نعد مهتمين بمتابعة التطورات المأساوية للكارثة الإنسانية التي تتفاقم كل يوم هناك. فالحصار يزيد من حدة الأضرار كل يوم عن اليوم الذي سبقه.. أي أن الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ، والكارثة قابلة دائما للتمدد والنمو. ومع كل ذلك فإننا ألفنا كل ذلك وعاد الإعلام والإعلاميون العرب إلى الانشغال بقضايا هي من التفاهة بحيث يصعب على المرء مناقشتها في الظروف العادية، فما بالك والحصار يفتك بأبناء شعبنا الفلسطيني الصامد الذي يخوض حربا بالنيابة عن الأمة كلها، بهدف مقاومة مخططات الإمبريالية الغربية والطموحات التوسعية للكيان الصهيوني.
لقد شاهدت عبر إحدى القنوات الإخبارية المتخصصة قبل أيام، تقريرا ضمن نشرة الأخبار المسائية الرئيسة، عن مقتل المغنية المغمورة سوزان تميم! ولا أدري كيف يمكن لقناة تبث برامجها من الوطن العربي، وتتوجه نحو المشاهد العربي المهتم بالقضايا الجادة، أن تستفز هذه الشريحة من المشاهدين الذين يفترض أنها موجهة لهم؟
هل أوصلتنا فضائياتنا إلى مرحلة التبلد؟ سؤال أرى أن الوقت قد حان لكي نطرحه.