وهذا واقع في زمن أصبحت فيه الدمعة تسبق البسمة بل وتخالطها..في وقت أُغتيلت فيه الأحلام وشُردت الأماني..في وقت شُوهت فيه أوجه الحقيقة ونفيت فيه المشاعر الصادقة لمدائن تسكنها أشباح الحقد وهياكل النكران، في زمن مُلئت به القلوب بشحنات الكراهية وحب التخريب وانتهاج الانتقام للوصول لإشباع ذواتٍ مريضة..في زمن قُلبت فيه الموازين وانتُهكت الحقوق وسُلبت الأرزاق من أصحابها ومُلئت فيه بطون أصحاب الجشع من أموال المساكين حتى أصابتهم تخمة الرياء ولم يتوقفوا حتى بعد زوال أقنعتهم التي باتت لا تستر أصغر عيوبهم البغيضة.
أين راحة البال، في زمن ذُبحت فيه حمائم السلام وقُدمت فيه أرواح الأبرياء قرابين تضحية لهياكل الدمار والضياع؟! أين هي راحة البال، في زمن وُجهت فيه أقلام الأحرار لتصبح معاول هدم لأساسات صروح الحرية والرقي؟! أين هي راحة البال في زمن حُوربت فيه لغة الضاد وأضعفت بلاغتها وأزيلت هيبتها حتى أصبح أبناؤنا يعجزون عن التمييز بين الفعل و الفاعل؟! في زمن هُدمت فيه القيم وانتُزعت مفاهيمها من عقول الأجيال وزُرعت الخرافات المتسمة بالانحلال عوضاً عنها؟!
أين هي راحة البال، في زمن أصبح فيه الأنقياء قلة يعدون على أصابع اليد؟! في زمن سُلبت فيه حريات الشعوب وصُودرت أوطانهم وحُرقت فيه أمجاد أمه أزيلت عن بكرة أبيها أمام أعين من غُشيت أبصارهم عن رؤية الحق وصمتت حناجرهم عن النطق به؟!
أين راحة البال، ونحن نتجرع مرارة الحزن بطعنات من أمناهم على حماية ظهورنا من طعنات الأعداء لأنهم الأقرب والأوفى والأغلى أو....هذا ما خُيل لنا ونحن نبادلهم الوفاء والحب ونهبهم الأمان؟!
يا شينها دنيا بالأهوال ترميك
ولمطالب الأنذال دايم تحدك
عزتَك عن درب الرديَن تنهيك
حشيمةٍ للي وفاهم يردك
يقطعك يا وقتٍ بدت لي خوافيك
محدٍ قدر يا وقت يلزمك حدك
وأنا تعبت وأنا أتحمل بلاويك
ضيعتني مابين جزرك ومدك
لولا الصبر يا وقت محدٍ يجاريك
ولا الشقي عزاه ما هو بقدك
نشر بالعدد 50 من ملحق مزون الشرق 4 يوليه 2009
رابط العدد
http://www.al-sharq.com/articles/download.php?id=149266